فُلقَت هَامَّة العَدْلِ فِي محرابها.. تلونت البِحَارُ بِحُمْرَةِ الغُرُوبِ المُوحِشِ، نَادَى الهُدَى فَعمَّ الصَّدَى شَرْقَ الأَرْضِ وَغَرْبهَا. فُزْتُ وَرُبَّ الكَعْبَةِ، اِحْتَضَنَ الورى شَمْسًا تَلْتَحِفُ اليَتَامَى، سكت نَبْض كَانَ لِلفُقَرَاءِ خُبَزًا، وَلِلأَيْتَامِ أَبًا وَلِلأَرَامِلِ حَافَظَا، فَمَنْ لَنَا يَا مَوْلَاي وَسَيِّدِي، نَحْنُ أَيْتَامُكَ وَلَقَدْ جَارَتْ الدُّنْيَا عَلَيْنَا مِنْ بَعْدِكَ.. ألا تَسْمَعُ أَنَّين الثكلى وَضَجِيج الأَيْتَامِ.. فاض الظُّلْمُ عَلَيْنَا يَا حَامِينَا.. تَهَدَّمْت وَاللهِ أَرْكَانُ الهُدَى #ضربة_المحراب
اخرىبقلم: إيمان الشوهاني يُحكى أنّ رجلًا فقيرًا معدمًا يعملُ، لكنّ عمله لا يُغني ولا يسمنُ من جوعٍ، وفي أحد الأيام وبينما هو يسيرُ إلى بيتهِ بعد يومِ عملٍ شاقٍّ، مرَّ به أحد الأشخاص الذين يعرفونه، فناداه: يا هذا... ما لي أراكَ في هذه الحالِ البائسة، فأخبرهُ بوضعهِ. فقال له: هل أدلُكَ على كنزٍ إذا الله تعالى وفقكَ وحصلتَ عليهِ، فستفوز بالدنيا والآخرة، تنفّسَ الرجلُ الفقير الصعداء. قال: أخبرني أين هذا الكنز؟ ثمّ استدرك قائلًا! ولماذا أنت لا تأخذه؟ فقال له الرجل: إنّهُ كنزٌ يكفي الكونَ كلّه، ويزيد. فقال الرجل الفقير: لقد شوقتني لمعرفةِ هذا الكنز . فقال له: إنّها ليلةُ القدرِ. فقال الرجل الفقير: متعجبًا! الكنز هو ليلة القدر! أ تستهزئ بي، وبفقري. قال: معاذ الله تعالى، نعم الكنز هي ليلة القدر، ولا تتعجب من ذلك، وكم أرجو أن يوفّقك، ويفقني الله تعالى؛ لإحياء تلكَ الليلة، عسى أن نحصل على كنزنا. فقال الرجل الفقير: كيف ذلك؟ زدني. فقال له: ألم يخبرنا الله تعالى أنّها خيرٌ من ألف شهر، وأنّ الملائكة والروح يتهافتون للنزول فيها، وأنّ السلام فيها، فلو أنّ حاكمًا كريمًا اخبرَ الناسَ بأنه سيُعطيهم الكثير من الخيرات، لو عملوا في يوم عيّنه لهم، وعملوا في ذلك اليوم، فتصور ما سيحصلون عليه؟ وقد أخبرنا الله تعالى بأنه لا نستطيع أن ندرك ما لتلك الليلة من عظمة بحيث تتنزل الملائكة فيها، وإننا إذا احييناها بالعبادة، والدعاء، وقراءة القرآن، وغيرها من الأعمال مع الإخلاص في العمل، فهل تعتقد أنّ الله تعالى سيردّنا، وهو الذي يضاعف الحسنة بعشر أمثالها، وهو الذي أعطانا من النعم ما لا نستطيع عدها وإحصاءها، فلنقف في تلك الليلة نتعبّده، وندعوه، ونقدم بضاعتنا المزجاة، فحاشاه أن يردنا، ولنطيل الوقوف على باب الله تعالى في تلك الليلة، ونتوسل إليه وندعوه أن يعجّل فرج قائمنا الذي بفرجه فرجٌ لنا، وندعوه أن يرفع عنّا البلاء والفقر والظلم، وأن نلح في الدعاء، وإن شاء الله تعالى يعطينا ما سألنا. أ تظن أنّ ذلك الحاكم أكرم أم من خَلق الحاكم؟ فإذا كان الحاكم أعطى في الدنيا، فإنّ الله تعالى سيعطينا كنزنا في الدنيا والآخرة، فهلم بنا نستعد لنتسابق في الحصول على الكنز.
اخرىأخفت ليالي القدر اسرارها وتألمت لما رأت... إنّ العدا قد مزقوا قرآنها... وتأوه الإسلام فالهادي جريح... في ليلةٍ تشابكت انجمُها... وكأنها تحمي السماء من السقوط... واهتزت الأرضون لمّا لامست شذراتُ دمك عفرت اركانها... والريح أنّتْ والجبال تدكدكت... لمّا درت أن الوصي لم يكمل السجدة في محرابها... نَزَلَ الأمين وصوته ملأ الفضا... تهدمت والله اركان الهدى #ضربة_المحراب يا أحزانها
اخرىبقلم: وجدان الشوهاني كُلّما حاولتُ فتحَ أبواب معرفةِ ليلة القدر أوصَدتْها لي الآية الكريمة "وما أدراك ما ليلة القدر". لستُ ممّن يحبُّ الطمع، لكنّي أجدُ نفسي طمّاعةً تريدُ أنْ تعرفَ حقيقةَ تلك الليلة العظيمة، فلا أجدُ سوى ردِّ الباري (عزَّ وجل) على سؤال "ما أدراك؟"، بقوله: "ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر"، فخُيّل لي أنَّ الله (سبحانه وتعالى) يُحِبُّ ذلك الطمع الذي جثا على قلبي لمعرفةِ تلك الليلة، لكنّه لم يعطِ التفاصيل، وإنّما أجملَ الإجابةَ بقوله: "خيرٌ من ألفِ شهر"، واكتفى بذلك ليفتحَ لي أفُقَ التعرف عليها بنفسي من خلال العمل. فعكفتُ أبحثُ في رواياتِ المعصومين، وكُتُبِ المفسرين لسورة القدر، ومع عجائب ما تمَّ ذكره، ولا أنوي سَردَ الأحاديث والتفاسير؛ لكونها ليست مخفيّةً عن الكثير، ولكنّها إشارة لثمرة مطالعتي، فقد وجدتُ ضالتي في أنّ الجميع اتفق على أنّها ليلةٌ تُحيا بالعبادة؛ وذلك من خلالِ مقارنةٍ بسيطة بين ما تمَّ في تلك الليلة من أحداثٍ مهمة منها: نزول القرآن الكريم، ووفود الملائكة زُرافاتٍ زرافات، وغيرها مما ذكرته الكتب، وبين ما يُقدّر في تلك الليلة للإنسان، والتي يُمكنُ للإنسان مع كونه مُختارًا أنْ يُحقَّقَ بعضها بإذنِ الله، ولا يكونُ ذلك إلّا بالطاعة، ومن أهم مصاديق الطاعة إحياء ليالي القدر، وهو الجامعُ الذي لا يُمكن أنْ يكون له حدٌ بمفهومه الواسع، لكنّها تتحقق بالعبادة في تلك الليلة العظيمة؛ لكونها أوضح مصاديق الطاعة. وها أنا من جديد أقفُ حائراً أمام سؤالٍ، مع علمي بأني لستُ الوحيد الذي يطرح هذا السؤال، وسؤالي هو: لماذا لم يُبيّن الله تعالى تفاصيل تلك الليلة ويُحدّدها خصوصًا مع كونه قادرًا على ذلك؟ سؤالٌ قد يفرح لطرحه الملحدون، والعلمانيون؛ لجهلهم! والجوابُ عن ذلك: لو بيّن اللهُ تعالى تفاصيلَ كلِّ شيءٍ، فهل يبقى معنى لقولهِ (تعالى): "وما أدراك؟"، ولفُتِحَ باب الاتهام على الله (سبحانه وتعالى) بالعبثية بكلامه (جلّ عن ذلك). وليس ذلك وحسب، فلو بيّن اللهُ تعالى تفاصيل ما يجري على الإنسان من شقاءٍ أو راحة، لتمَّ إغلاق أبواب المعرفة ولسادَ الخمول والاتكال والجهل على البشر، ولم يبقَ للعلمِ والعملِ أيّ طعمٍ أو لونٍ أو رائحة، ولن يبقى لعلمانيّتهم -النابعة من علمهم كما يدّعون- أيّ محلٍ، ولزادَ المُلحدون بإلحادهم. فذلك الإبهام والإجمال هو الدافع الذي جعل الجميع يتهافت لتلك الليلة لإحيائها، لا فقط البشر، بل حتى الملائكة، لهم في إحياء تلك الليلة نصيب! ومن هُنا، علينا أنْ نفهم الحكمةَ من ذلك الإخفاء والإبهام لتلك الليلة، وهو أنّه يكمن في دعوةِ الله (سبحانه وتعالى) لنا للعملِ في تلك الليلة بكلِّ ما هو خيرٌ من عباداتٍ وأعمالٍ صالحة، وأنْ تُرفَع الأيادي له بالدعاء والتضرع، فيعلم الإنسان من خلال تلك الليلة مدى فقرهِ وغنى مَن رفع يده ليدعوه وهو الله (سبحانه وتعالى)، ومدى عجزه وقدرة الله تعالى، فلولا قول الله: "وما أدراك؟"، لكنّا في عُتمةِ الجهل والإلحاد، فليلةُ القدرِ ليلةٌ نفهمُ من خلالِها التوحيد الحقيقي، وإنْ كانت مُجملةً، فلا يضرُّ الإجمال بقدرِ ضرر الجهل، ولذا لتكن تلك الليلة مفتاحَ المعرفة، فلنطرق بابَ الله تعالى في ليالي القدر ونسأله الخير، ولا ننسى أنْ نسأله تعجيل الفرج لمولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف..
اخرىبقلم: زينب راضي الزيني وليلى زغيب يا خالقَ الكونِ وجميعَ البشر، يا مُنير الشمسِ والقمر، أكرمني بليلةِ القدر، ليلة التزود والظفر، ليلة الصفاء والنقاء، ليلة العطاء، ليلة تسهيل الأمور من العُسر إلى اليُسر، وحط عنا الذنب والوزر، في التاسع عشر وفي العشر الأواخرِ من الشهر. يا لها من ليلةٍ عظيمة! خصّها الباري (عزَّ وجل) في الذكر الحكيم، وأنزلَ فيها سورةً كاملهً تُتلى إلى يوم القيامة. ــ فما أعظمكِ من ليلةٍ! لماذا جعلكِ الله أشرف الليالي؟ رغمَ أنَّ جميع ليالي هذا الشهر مُباركة وعظيمة؟ ــ حباني الله بالشّرفِ والعلو؛ لنزولِ القرآن الكريم جملةً واحدةً في اللوح المحفوظ إلى السّماء الدُّنيا فيَّ؛ فزادني إيمانًا وعظمةً، ففيه هداية للبشر وإسعادهم وإنارة قلوبهم من دياجير الجاهلية؛ لذا اعتلى مقامي، وسُميتُ بليلةِ القدر؛ لشرفي وعلو مقامي وقدري عند الله. ومعنى القدر في اللغة: كونُ الشيء مساويًا لغيره من غير زيادةٍ أو نقصان، وقدرّ اللهُ هذا الأمر بقدرهِ قدرًا: إذ جعلهُ على مقدارٍ ما تدعو إليه الحكمة الإلهية. قال (تعالى): "وما قدروا اللهَ حقّ قدره"(١) قال (تعالى): بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ*تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أمرٍ *سَلامٌ هيَ حَتّى مَطِلَعِ الْفَجرِ}(٢) *فضل قراءتها: وردتْ رواياتٌ كثيرةٌ في فضلِ قراءتِها منها ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): "من قرأ (إنّا أنْزَلنَاهُ) في فريضةٍ من الفرائض، نادى منادٍ: يا عبد الله، قد غفر لك ما مضى، فاستأنف العمل"، وسُئل الإمام الباقر (عليه السلام) عن قول الله (تعالى): "إنّا أنْزلنَاهُ في ليلةِ القدر"، قال: نعم ليلةُ القدر، وهي في سنة في شهر رمضان في العشرِ الأواخر، فلم ينزلْ القرآن إلا في ليلةِ القدر. قال (تعالى): "وفيها يُفرقُ كُلّ أمرٍ حكيمّ* أمراً من عندنا إنّا كُنّا مُرسلين"(٣) *فكيف تكون ليلةُ القدر خيرًا من ألف شهر؟ سُئل الإمامُ الصادق (عليه السلام): كيف تكونُ ليلة القدر خيرًا من ألف شهر؟ فأجاب: "العملُ فيها خيرٌ من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر"(٤). وسُئل الإمام الباقر (عليه السلام): "ليلةُ القدر خيرٌ من ألف شهر، أيَّ شيءٍ عنى بذلك؟ فأجاب: "العملُ الصالح فيها من الصلاة والزكاة وأنواع الخير خيرٌ من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر. ولولا ما يضاعف الله (تبارك وتعالى) للمؤمنين ما بَلَغوا، ولكنّ الله يضاعف لهم الحسنات"(٥)، وأيضًا ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّ أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) قال لابن عبّاس: "إنّ ليلة القدر في كلّ سنة، وإنّه ينزل في تلك الليلة أمرُ السنة، وإنّ لذلك الأمر وُلاةً بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنا وأحدَ عشرَ مِن صلبي أئمّةٌ مُحدَّثون "(٦) فيا ليت شعري ماذا سوف تودع نفسك فيها؟ وهل تنال أجرها؟ وبابُ أعمالك كيف تودعها؟ أتراها ترحلُ شاكرةً صنيعكم أم ذامّةً تضييعكم؟ يباركُ الله تعالى بنزول الملائكة فيها حتى تملأ الأرضَ بالخير والبركة والرحمة، ومعها جبريل (عليه السلام) الروح الأمين بإذنٍ من الله تعالى يشاركون عباد الله بالأعمال والصلوات والعبادات ويدعون لهم بالرحمة والمغفرة، ولأهمية منزلة المتعبدين والذاكرين الله تعالى فيها، وإحيائها بالعبادة والطاعة والعمل الصالح. *وأنّها سلامٌ... حتى مطلع الفجر... ومن لطفِ الباري بنا أنْ جعلَ ليلةُ القدر العظيمة غير محصورةٍ بليلةٍ واحدةٍ، بل وزعها على ليالٍ ثلاث؛ ليتزودَ العبد ومن فاتته ليلة فإنه يرجو أنْ تكونَ التالية هي التي تُقدَّرُ فيها الأرزاق والأعمال، وهي التي تُرفعُ فيها الصحائف، فيكون للعبد حافز أنْ يؤملَ نفسهُ بليلةٍ عسى أنْ تكونَ هي ليلةُ القدر. فكانت ليالي القدر: واحدةً في نهاية العشر الثانية من شهر رمضان، واثنتين في العشر الأواخر منه، ليسعى المؤمنُ سعيه لعله يحظى بها. وأولُ ليلةٍ يا لها من ليلةٍ! حيثُ تتناثرُ الدموع والآهات حزنًا على مولى الموحدين وطبر هامته الشريفة (عليه السلام)، والليلة الثانية هي ليلةُ الحزنِ الطويل وبكاءُ الأيتام لفقد أبيهم ونور الأبصار أبي الأيتام علي (عليه السلام) ففي هاتين الليلتين يكونُ القلبُ وجلاً وتكونُ الأنفاسُ منحبسةً مع أنينِ الكون على أميره ووصي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأبوابُ السماء مُفتحة تنظرُ إلى كلِّ عينٍ بكتْ وذرفتْ الدمعَ مُواساةً لفقدِ وصيّ الرسول (صلى الله عليه وآله)، وحبيب الباري (عليه السلام)، فلعل وسطَ هذا الزحام من الملائكةِ تكونُ ليلةُ القدر وترفعُ الأسماءُ مشمولة بالعتق من النار. وينعمُ الباري علينا فيعطينا مهلةً أخرى لعلنا نتوب ونرجع إليه، فتأتي الليلةُ الثالثة والعشرون وهي أعظمُ من سابقتيها بالفضلِ والمنزلةِ كما جاءَ في الأثرِ وتكثرُ الأصوات بالضجيج والنحيب على قربِ فراق الشهر الكريم لنا ووداعه المفجع، ويتزودُ المرءُ بها من الدعاء والتضرع لعل الفرجَ يكون بها، ويبدو من بعض الأحاديث أنّ ليلةَ القدر الحتمية هي ليلةُ الثالث والعشرون، بينما التاسع عشر والحادية والعشرون هما بمنزلة المقدمتين إليها في الدعاء والتضرع والتزود من النفحات الإلهية؛ رُوي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال لمن سأله عن ليلة القدر: "اطلبها في تسع عشر، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين"(٧) فانظروا معي إلى سعةِ رحمةِ الله تعالى بنا وحبّه لنا مع ما يصعدُ إليه من قبيحِ أعمالنا يعطينا فرصًا لكي نتوب ونرجع إليه ونفوز برضوانه. ففي هذه الليالي الثلاث يتقلبُ المؤمنُ بينَ الأدعيةِ والمناجاة، فمن أنين المتأوهين بدعاء أبي حمزة إلى التسبيحات في دعاء الجوشن: سبحانك يا لا إله إلا أنتَ الغوث الغوث.... إلى يا عدتي في شدتي.... إلى كلّ كلمةٍ ونجوى وتأوه ودمعٍ ينهمرُ خوفًا وخشيةً ورهبةً ورغبةً. فيا لسعةِ رحمة الله تعالى في هذا الشهر ولياليه المباركة! ففي ليالي القدر تتوجهُ القلوب إلى ساحةِ القُدس الإلهي وتتزودُ من ألطاف الباري. نمدُّ يدَّ التضرعِ إلى الله تعالى أنْ يشملنا بعطفهِ ولطفهِ وإحسانهِ ويكتب أسماءَنا في السّعداءِ ؛ إنّه قريبٌ سميعٌ مُجيبُ الدعاء. ولعظمتها فقد اختصت بعلامات منها: "أنْ تطيبَ ريحها، وإنْ كانت في بردٍ دفئت، وإنْ كانتْ في حرٍّ بردت"(8). كما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنَّه قال: "إنّها ليلةٌ سمحة لا حارة ولا باردة تطلعُ الشّمس في صبيحتها ليس لها شعاع"(9) اللهم اجعلنا ممّن صام الشهر وأدركَ ليلة القدر، وممّن نظرت إليه فرحمته، وسمعت دعاءه فأجبته، وشملتهُ نفحاتها ومغفرتها. والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على خير المُرسلين على النبي الهادي الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين. --------------- 1. القران الكريم سورة الزمر (٦٧) 2. سورة القدر (١-٥) 3. سورة الدخان(٤-٥) 4. الكافي ٤: ١٥٧-/ح٤باب في ليلة القدر 5. من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٢: ١٥٨ 6. الكافي ١: ٢٤٧/ح٢ 7. تفسير الثقلين ج٥ص٦٢٨ 8. نفس المصدر السابق ص٦٢٣ 9. المصدر السابق نفسه
اخرىبقلم: سارة بدر أنسجُ من بقايا روحي المُبعثرة وشاحًا أقوى به على صعوبة الحياة؛ ليُغطيَ قلبي المُتعب.. ويُثلج صدري الذي أنهكته سنواته العجاف ويجمع أشلائي المُتناثرة التي عاشت بذكر خالقها.. وأصنعُ له من أسماء الله (تعالى) أزرارًا؛ لتربطَ على قلبي فأستمدّ منه قوتي فقوتي لا تكون إلا عندما أكون قريبةً من الله (تعالى)
اخرىبقلم: صباح البدري تمرُّ أيامُ الضيافة الإلهيّة في شهرِ رمضان حتى تصل رحمتهُ (تعالى) إلى قمة البركات المقررة للإنسان، في ليلةٍ تعدُّ عروس الليالي، البيئة النورية المحتشدة بأسرابٍ من الملائكة المتعددة المهام، أفضلها على الإطلاق مهما أجهدت نفسك في البحث عن ماهيتها ستلقى حاجزًا غيبيًا يشعُّ من خلفه نور "وما أدراك ما ليلة القدر". نعم، أنت لا تعلم أيُّها الإنسان ما يجري في هذه الليلة، ولم يستطع أنْ يُدركه بصرك؛ فهي تُقارَن بالأشهر لا بالأيام من جنسها، مَنْ يدري عن حقيقتها؟ شرّفها الله تعالى حتى عدلها بألف شهر، أيّ أنّها تعدلُ عمرًا وتساوي دهرًا. ليلةٌ تتضاعفُ فيها بركات العمل، فركعةٌ واحدةٌ تعدلُ ألف ركعةٍ في غيرها من الأيام، كلُّ شيءٍ فيها يتنامى. هي ساعاتٌ لكن بالأحرى هي فُرص، هي أبوابٌ من الرحمة الإلهية، من دخلها أمن ومن أحياها غُفر له وأُعتقت رقبته من النيران المستعرة، فيها أطهر طقسٍ يؤدى من قبل ملائكة الرحمن مع الروح تتنزل باستمرار؛ لتستغفر لكلِّ من في الأرض عدا اثنين! شارب خمر وقاطع رحم! فيا لثقل قيود مرتكبيهما ويا لشدة ضياعهما! إنْ لم يراجعا نفسيهما ويتوبا إلى الله تعالى. "فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْر حْكيم"؛ فهي ليلة القرار، فيها تُقرر شخصية الإنسان وأقداره والبلايا والمنايا لسنة كاملة، وربما تمثل عمر الإنسان الباقي بأكمله، وهي آخرُ ليلةِ قدرٍ يحياها ويُحييها، فليحيها كما يحب الله تعالى ويرضى؛ إذ إنّها تلعب دورًا أساسيًا في ما يحدث بعدها اعتمادًا على صحيفة النوايا والأعمال المرتبطة بساعاتها الذهبية، ويا لفقر ولشقاء من يغادرها كما بدأها، لم يكن حاله بأفضل من طالبٍ ترك ورقة امتحانٍ مصيري من غير أنْ يخط حرفًا أو يكتب كلمة! ومن فضائل هذه الليلة، أنّها ذُكرت على لسان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "تفتح أبواب السماء في ليلة القدر، فما من عبد يصلي فيها إلا كتب الله تعالى له بكلّ سجدة شجرة في الجنة، لو يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها، وبكلّ ركعة بيتًا في الجنة من درّ وياقوت وزبرجد ولؤلؤ، وبكلّ آية تاجًا من تيجان الجنة، وبكلِّ تسبيحةٍ طائرًا من العجب، وبكلّ جلسةٍ درجة من درجات الجنة، وبكلِّ تشهّد غرفة من غرفات الجنة، وبكلّ تسليمةٍ حلّة من حلل الجنّة..... "(1) البحار ج٩٥ص١٤٥ وإنَّ من أهم الأعمال في هذه الليلة المباركة هي زيارة سيد الشهداء (عليها السلام)، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): "إذا كان ليلة القدر ينادي مناد من السماء السابعة من بطنان العرش : إنَّ الله (عزَّ وجلَّ) قد غفر لمن أتى قبر الحُسَين (عليه السلام)، بالإضافة إلى فضل إحيائها بالأعمال المقررة من غُسلٍ وصلاةٍ ودعاءِ رفع المصاحف وتلاوةِ القرآن الكريم، والدعاء لتعجيل فرج المولى صاحب الزمان، وطلبِ الدعاء منه فهو الإنسان الكامل وأوسع طاقة استيعابية لبركات ليلة القدر.
اخرى