بقلم: زهراء المتغوي عبرتُ الزوايا إلى نهر عينيكِ يا ساحل الدفءِ ما كنت أعرف أن الزوايا تبلور حبي إليكِ اشتياقا وتغسل مني رذاذ الأسى والعذاب *** عبرت الزوايا لأسألها عن تباريح وجد وآهات شوق وروح تحلق في خافقيّ وتهويمة مثل سرب الحمام المهاجر عن أفق غيم من العطر لكنّني قد أضعت الجواب *** وأبحرت كالملح ذاب انتشاءً وما زال يحكمه الصخر والبحر والظلم والاكتئاب *** وأبحرت والموج عات غزير و قرصنة العمر تسرق حتى ملامح وجهي و نبرة صوتي و ذكرى الطفولة من حدقات عيوني و من وجه أمي و تسرق حتى غرور الشباب *** لماذا أتيتك ِ؟ قبّلت قبركِ فاحت روائح مسك و طيب خفيٍّ و نور تسلل بين ضلوعي أحسست روحي ترفرف بل تتعملق تكبر تكبر تكبر ثم تحلق فوق السحاب *** لماذا أتيتكِ؟ يا زينب الطهر سرتُ و أمتعتي بعض حبر يصارع في داخلي أحرفا و شيء من الشعر كان يحاول فيّ التمرد يكسر روح الرتابة يحمل في وجعي عالما لا يفسّر غير الضباب **** و رغم العناد و رغم سني الجفاف رأيتك في ليلة الجدب نافورة و أنا كنت و الماء يغمر أجزاء روحي و قد كنت أسعى برغم الشوائب رغم الهزيع الأخير من الليل في داخلي كنت أسعى إليك ليخفت في حاضري الاغتراب *** و رجع الصدى يا حبيبة حيدر كان يرتل اسمك مولودة في نقاء القوارير يمرح في لحظات التدفق تنضح عيناك طهرا صفاء يموسق حتى الطبيعة عزفا بهيّا و قد كان يجفل في داخلي الاقتراب *** و فاطمةٌ تستحث الدقائق تستبطن الفرح المتنفس من بوح عينيك كانت تلمُّ الندى في اختيال و تبسم في روعة العشق حبا تعانق تلك الرضاب *** و تلك شموس التجلي تحيط بنوركِ سحر النبوة يسطع يرقب أنوار وجهك يخجل حتى جمال الورود إذا قبّل المرتضى وجنتيكِ و أعطاك من روحه الصدق و الارتقاء و قلبا رويّا عطوف الحنايا و إن كان في رونق الصبر لا يمتطيه الأسى أو يهاب ***** و حولك نجمان شعّا برفق ليحتضنا في لحاظ التفتح روح الشذا من لقائك في لحظة الزهو هذا الحسين تغرد في مقلتيه السنون و في حسن السبط ألف نشيدٍ يسبح لله شكرا و لله لله كيف النجوم تصلي و تهوي لشكر قدومك نحو التراب ؟! **** أحبك حبا نديّا يعزز ما انساب من راحتيك و يكتبني في عيونك شعرا تفاعل بالوجد من ناظريكِ و يُسكر ذرات عشقي الجميل و ينثرها في مجال الندى و ارتعاش السراب **** أحب التكهن في قدس فحواك في وهدة الصمت في لعلعات الأسى كنت أرقب نورا يقولبني في الطهارة من أفق دنياك كانت يمينك تنضح رفقا و تأخذني من جحيم التحدر نحو الهضاب **** أحبك زينب أذكر إشعاع روحك عند الصلاة و كانت صلاة الإله تكبّر حين ترى مقلتيك و يبهرها البدر كيف تفتّق نورا برغم الحياء و رغم العفاف و رغم الحجاب! **** أحبك زينب لكنني لست أنسى بكاءكِ في حشرجات الطفوف و كنت أراقب فيك الدموع على صهوة الصمت تطفو و تدنو تودّع دفء الأخوة صبرا و كانت شموس الرحيل تسافر صوب الجنان و تلقي مفاتيحها في يديكِ و تستدرج القدر المستميت و قد كنتِ تدرين كم يستحيل الإياب! *** فوا حرّ قلباه كيف تسيرين وسط الزحام إلى التلّ؟! سوط الفجيعة عارٍ و ما ثمّ قلب تلوذ إليه الضلوع و تستصرخين العروبة و الدين في القوم لكنّ حيث الهباء يعجّ الخطاب *** تلوذين بالصبر مثل العواصف عند ارتحال الأحبة ويح الفراق يكاد يقطّع وجه النياط يزعزع حلم الفراشات يصحو مع الروع و البرد صوت اليتامى يسافر في الليل بين الفراسخ مثل الخناجر أو كارتعاد النواقيس بالخوف و الارتياب *** فوا حرّ قلباه تلك الهموم و أنت كما الطود يكسر رجع الأسى في ارتياع الأرامل في هذيان الشموع و كانت عيونك ترقب أوجاع ليلى و تغمر رملة بالدفء و هي تهدهد مرثيّة للرباب ***** و ينبجس الغيظ حين المدائن تكشف ما اكتنّ من قسمات الصغار و غمغمة في عيون سكينة تلك البدور التي يتصفح منها الزمان الخؤون يلولبها في ارتطام المجرات بين العذاب و بين العذاب ***** تعرّين وجه يزيد القبيح على غبش الظلم في مجلس المتخمين و تكسينه من حلقات الشنار سوادا تقولين: واسع لسعيك و انصب لجهدك إن صليل الدماء حياة و إن صهيل الجراح خلود و قنديلُ زيت و إن الشهادة كانت تعنونُ اسم الحسين انتصارا و من صبحها الدموي توضأ فجر و أقسم بالنصر من عالم الذر حتى الحساب...
اخرى"إلّا أن تخرجَ عن ملّتنا" شعارٌ حاربت به السيّدة زينب (عليها السلام) كل من يحاول التعرض بسوء للمرأة، ويهتك حريم قدس الإسلام. فبه أعطت المرأة هودج نور ووقار؛ لتدحض به كل الفجّار. وإنّ في شعارها لسلاحًا.
اخرىيجب أن لا نختصر عقيلة البيت الهاشمي بالستر والعفاف والصبر على البلايا فقط، كانت (سلام الله عليها) العالمة المتفقهة في دين الله تعالى، والمتبحرة في كتابه العزيز... فضلًا عن قول الحق ونصرته والدفاع عنه مهما بلغت التضحيات وكلفت.
اخرىكما كانت زينب (عليها السلام).. لا تكوني كما يريد أن يراك الغرب ودعاة التحرر.. لا تجعلِي نظرتهم مقياسًا لكِ فتنكسر همتك.. لكن اجعلِي من زينب قدوة لكِ لترتقِي.. وتيقّني أنك بنت الرسالة.
اخرىشخصية فذة رسمت بصبرها معاني الإيمان... فرسمت بحجابها ووقارها طريق العفة لكل امرأة... فلا يمكن لامرأة أن ترتقِي لكمال الأخلاق وتسمو بشخصيتها إلى أعلى سلم الوقار إلّا أن تسير خلف خطى ونور هذه السيدة الجليلة وأمها الطاهرة.
اخرىبقلم: علوية الحسيني كل ما يُمكن أن يُرى بالعين فإنه يمكن اللقاء به. وقد يظهر من قوله تعالى:{ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدا}(1) أنّ اللقاء هو العرفي المادي، كما قد يظهر من آياتٍ عديدةٍ، من قبيل قوله (تعالى): {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ* إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة}(2) وما تقدّم يُثير في الذهن أسئلةً لابُدّ من الجواب عنها، وهي: 1- هل تجوز رؤية الله (تعالى) ليُمكننا القول بلقائه؟ 2- كيف نتعامل مع الظهور الذي يقول بجواز اللقاء والرؤية؟ 3- ما هو موقف النص الروائي من ذلك؟ فهنا عدة نقاط: ■النقطة الأولى: علّة امتناع رؤية الله (تعالى): إنّ الرؤية الممتنعة هي الرؤية البصرية، لا القلبية؛ لأنّ البصرية تستلزم كون المرئي في جهةٍ ومكان، وبالتالي يكون جسمًا، فضلًا عن استلزامها الإحاطة بالمرئي، وكلّ ذلك لا يكونُ مع الله (جلّ جلاله). وهذا لا يُفرق فيه بين الدنيا والآخرة، وبين المؤمن وغيره. وإنّما امتنع أن يكون (تعالى) جسمًا؛ لسببين: ١- عقلًا: أ/ لو كان الله (تعالى) جسمًا لكان محتاجًا إلى أجزائه، والاحتياج صفة المخلوقات، والله (سبحانه) هو الغني المُطلق، والاحتياج ينافي قوله (تعالى): {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد}(4). ب/ لو كان الله (تعالى) جسمًا لجرت عليه أحكامُ وقوانين الزمكان، فيلزم أن يكون موجودًا في المكان والزمان الذين تُفترض رؤيته فيهما، مع لزوم عدم وجوده في جميع الأزمنة والأمكنة الأخرى، وإنْ جاز وجوده في بعضها؛ وذلك لأنَّ من سمات الجسم الحدوث والعدم، فيقتضي ذلك وجوده في بعض الأزمنة والأمكنة دون جميعها، وهذا ينافي قوله تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير}(5). ٢-نقلاً أ/ قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير}(6)، وهذه الآية محكمةٌ، ويجب إرجاع كلّ آيةٍ متشابهةٍ إليها، فالله (سبحانه) شيء؛ لأنَّ الشيء مساوق للوجود، إلا أنَّه لا كسائر الأشياء؛ إذْ لا تثبت له الجسمية والصورة، أي ليس كمثله موجود في الوجود، والذات، والصفات، والأفعال؛ فهو موجود واجب الوجود، وغيره ممكن الوجود، وهو المائز الأساسي بينهما والذي تترتبُ عليه جملة من النتائج المهمة، ومنها عدم رؤيته (جلّ وعلا). سُئل الإمام أبو جعفر (عليه السلام): أيجوز أنْ يُقال: إن الله (عز وجل) شيء؟ قال: "نعم، يُخرجه عن الحدين حدّ التعطيل وحدّ التشبيه"(7). فنسبَ إليه (تعالى) الشيئية حتى لا يُثبت له العدم، وسلب منه التشبيه حتى يوجب له التنزيه، فإذا سُلِب عنه التشبيه، فهو (سبحانه) لا يُرى. ب/ قال تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيط}(8). سياق الآية في جزئه الأول يدل على أنّ هناك ذمًا لمن يُشكك في لقاء الله (تعالى)، لكن المُتدبر في جزئها الثاني يجد أنّ المقصود باللقاء لا اللقاء بمعناه المادي؛ بدلالة القرينة المتصلة اللفظية (بكلّ شيءٍ محيط)، فالمحيط لا يُحاط به، فكيف نلاقيه ونُحيط به؟! وهذا ليس تناقضًا بين صدر الآية الكريمة وذيلها، بل فيها دقّة غاية في الأهمية؛ إذْ إنَّ تذييلها بأحد أسماء الله (تعالى) الحسنى، وهو المحيط، دليلٌ على حكمة المتكلم (سبحانه)، بتشخيصه لهذا الاسم دون غيره من أسمائه الحسنى، واشارة منه تعالى إلى أنّه هو المحيط بكلِّ شيءٍ، إذًا هو محيطٌ بالأبصار وليس العكس، فانتفت الرؤية البصرية عنه. تالله إنَّ التفسير الحرفي للألفاظ الذي استلزم جملة من النتائج الخاطئة ومنها جواز رؤيته (سبحانه)) من ضروب قصور وتخبط العقل؛ إذ لا يُمكن الجمود على ظاهر اللفظ، دون معرفة غاياته. ■النقطة الثانية: تعارض الظهور مع الدليل العقلي: إن ظهور الآيات المتقدمة يقتضي أن يكون الله (تعالى) مرئيًا، يجوز لقاؤه ورؤيته، إلا أنّ هناك براهين عقلية تنفي الرؤية البصرية؛ لأنّ لازم الرؤية البصرية إثبات الجسم لله (تعالى)، فلا بد من تأويل الآيات تلك بما يتناسب مع هذه البراهين العقلية، لأنّها بمثابة القرينة المتصلة في علم التفسير، والقرينة تُقدّم على ذي القرينة، فيُقدّم الدليل العقلي القائل بتنزيه الله (تعالى) عن الجسمية ولوازمها كالرؤية البصرية. *بيان الدليل العقلي: لو كان الله (تعالى) مرئيًّا لـكان جسمًا، وكلّ جسمٍ مركبٌ من أجزائه، وكلّ مركبٍ مُحتاج إلى أجزائه، وكلُّ مُحتاجٍ مخلوق، والله (سبحانه) خالق وليس بمخلوق. فإذًا انتفى أن يكون (تعالى) مرئيًّا وجب تأويل الرؤية إلى ما يُليق بقداسة الله (تعالى)، والحفاظ على التوحيد الحق. ■النقطة الثالثة: التفسير الروائي للرؤية البصرية: فسّرت الروايات الرؤية البصرية بالرؤية القلبية، استنادًا إلى ما روي عن سادة التوحيد، أهل البيت (عليهم السلام)، فقد روى الصدوق عن أبي الحسن الموصلي، عن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: جاء حبر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته؟ فقال: ويلك ما كنتُ أعبدُ ربًا لم أره، وقال: كيف رأيته؟ قال: ويلك لا تُدركه العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان"(9). كما جاءت بعض الروايات نافيةً للرؤية البصرية الزمانية ــ التي قال بها بعض المسلمين ــ، وهي الرؤية يوم القيامة؛ استنادًا إلى دلالة ظاهر الآية على ثبوتها، منها ما روي عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، عن قول الله (عز وجل): (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) فقال: إنّ الله (تبارك وتعالى) لا يوصف بمكانٍ يحلّ فيه فيحجب عنه فيه عباده، ولكنه يعني، إنّهم عن ثواب ربهم لمحجوبون"(10). وبعضها الآخر جاء نافيًا الرؤية البصرية المكانية في الجنة، التي دلّ على جوازها ظهور بعض الآيات؛ وأوّلت مجيء الله (تعالى) بمجيء أمره، منها ما روي عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، عن قول الله (عز وجل): (وجاء ربك والملك صفا صفا)، فقال: إن الله (عز وجل) لا يوصف بالمجيء والذهاب (تعالى) عن الانتقال، إنّما يعني بذلك وجاء أمر ربك والملك صفا صفا"(11). وأخرى أزالت الغموض عمّا يمكن أن يرى يوم القيامة، وصرّحت بأنّه ثواب وكرم الله اللطيف؛ حيث روي عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قال علي بن موسى (عليهما السلام) في قول الله (عز وجل): (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة): يعني مُشرقة تنتظر ثواب ربها"(12)، فليس المقصود بالنظر في الآية المباركة النظر البصري، وإنما المقصود أحد أمرين: الأول: تقدير اسم محذوف، والتقدير: إلى ثوابِ ربِّها ناظرة. الثاني: أن (إلى) هو مفرد الآلاء، فيكون التقدير: لأحد آلاء ربِّها منتظرة"(13). *فإن قيل: أنّ بعض الروايات المُنزِّهة عن الرؤية البصرية ضعيفة السند، فلا يمكن الاستشهاد بها. قلنا: إن الروايات مؤيدة لحكم العقل، والمؤيِد ليس كالمستنَد؛ فمُستند عقيدتنا في تنزيه الله (تعالى) عن الجسمية ولوازمها –كالرؤية واللقاء- هو الدليل العقلي، والآيات والروايات جاءت مؤكِدة لذلك الدليل. النقطة الخامسة: تأتي إن شاء الله تعالى... ________________ (1) الكهف: 110. (2) القيامة: 23. (4) فاطر: 15. (5) الحديد: 4. (6) الشورى: 11. (7) التوحيد: للشيخ الصدوق، ب7، ح1. (8) السجدة:54. (9) المصدر السابق، ب8، ح6. (10) المصدر السابق، ب18، ح1. (11) المصدر السابق، ب19، ح1. (12) المصدر السابق، ب8، ح19. (13) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: للعلامة الحلي، مق3، ف2، م20، ص412.
اخرىكانت السماء متلبدة بغيوم الحزن والغيث غائب عن ثرى السعادة هي والصخور تتجرع القسوة بمرارة الحرمان يؤرقها الزمان الذي تتبدد به أزهار عمرها أما الانتظار فقد كان جزءاً من لوحتها وهي تنسج حكايات الأمل بخيوط الصبر التي تقول: الفرج قادم... الفرج قادم... كلمة بها تسترجع كل أزهار ربيعها.
اخرى