اتخذن من الزهراء قدوة، ليس في الحجاب والحشمة والعفة فقط، بل بالعلم والتفقة والورع والتقوى، والدفاع عن المعتقد ومناصرة الدين وسلب الحقوق، فقد كانت ولا زالت انموذجاً رائعاً يحتذى به على مر العصور، ومثالاً قيماً لكل سلوك أخلاقي رفيع فهي : ابنة من؟ وزوجة من؟ وأم من؟ لا تدانيها امرأة في الوجود هي فاطم وما ادراك ما فاطم!
اخرىأجمل ما يعيشه المؤمن أثناء البلاء بكل ما يحمله من مشاعر جيّاشة وحالات من القلق أو الخوف: هو : علاقة القرب من الله تعالى... واستشعار الأمان المُهدى من أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) المؤدية الى حالة السلام الداخلي والى التعلّق بحبل الله المتين موقناً أنّ اللهَ لا يحمّل عبدَه ما لا يطيق فهو الرؤوف الرحيم...
اخرىما برحت تشارك أباها آهاته، بفرحه وتارة بأفكاره.. لتكون له عونا في لحظات امتنع الجميع أن يشعروه بإنسانيته. تنبلج هي كضياء صبح بعد ليل حالك الظلام. لتنقشع عنه سحابة حزن مكثت طويلا، وحجبت عنه جمال الأفق. هكذا كانت وستبقى، لأنها منه وهو منها، لأنها تغذت الإيمان وزقت العلم منه، وشربت من منهل طيبته. فكانت وفية لما ورثته. انها أكبر بناته وصديقته ورفيقة دربه . فلثمها شاكراً لله على ما أعطاه، وطبع على رأسها قبلة ملؤها الحنان.
اخرىبقلم: إشراق الخاقاني/ والحوراء المبحث الثالث فاطمةُ الزهراء صلوات الله عليها وحجيتها بعدَ أنْ أثبتنا العصمةَ للزكيةِ المطهرةِ عليها السلام، نشرعُ الآنَ في هذا المبحثِ لإثباتِ حجيتها صلواتُ الله عليها على الخلائقِ أجمعين، على الأئمةِ والأنبياءِ والمرسلين والملائكةِ وأنَّها مفروضةُ الطاعةِ عليهم جميعًا، وسيكونُ هذا المبحثُ على ثلاثةِ مطالب: المطلب الأول: مفهوم الحُجة والحُجيّة. المطلب الثاني: أقسام الحُجج الإلهية. المطلب الثالث: حُجيّتُها على الخلائق. المطلب الاول: مفهوم الحُجةِ والحُجية الحُجة: البُرهان، وقيل: الحُجةُ: ما دوفعَ بهِ عن الخصم؛ وقال الأزهري: الحُجةُ: الوجهُ الذي يكونُ بهِ الظَفرُ عندَ الخصومةِ، وهو رجلٌ مِحجاج أيّ جَدِل. والتحاجُ: التخاصم، وجمعُ الحُجةِ: حُججٌ وحِجاجٌ (1). والحُجّةُ عندَ المُحَدِّثين: من أَحاطَ علمه بثلاثِ مِئَةِ أَلفِ حديثٍ مَتْنًا وإسنادًا، وبأحوالِ رُواتِهِ جَرحًا وتعْديلاً وتأْريخًا. والجمعُ: حُجَجٌ ، وحِجاجٌ. فالحُجيّةُ لغةً: الدليلُ والبرهان . واصطلاحًا: ما دلَّ بهِ على صحةِ الدعوى(2)، وهي مصدرٌ صناعيٌّ. والحجيةُ في القرآنِ والسنةِ: كونُ كلٍّ منهما يدلُّ على صحةِ وحقانيةِ ما يُرشدُ إليه. المطلب الثاني: أقسامُ الحُججِ الإلهية: القسمُ الأول: مقامُ النبوّة. إنَّ هذا القسمَ من أقسامِ الحُججِ الإلهيةِ يُعدُّ من المقاماتِ الساميةِ التي يؤتيها اللهُ لمن يشاءُ من عبادِهِ الصالحينَ الذينَ يختارُهم، ويشملُ الأنبياءَ والمرسلينَ، قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾(3). القسم الثاني: مقامُ الرسالة. ويختص هذا المقامِ بالمُرسلينَ فقط، فلا يشملُ سائرَ الأنبياءِ؛ حيثُ إنَّ الرسالةَ أعلى درجةً من النبوّةِ، فكلُّ رسولٍ نبيٌّ وليس كلُّ نبيٍّ رسولاً، والمرسلون هم أصحابُ الشرائعِ الناسخةِ لما قبلها، إذ كلٌّ منهم أتى بشريعةٍ خاصةٍ به، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ﴾(4). القسم الثالث: مقامُ الإمامة. وهو المقامُ الأرفعُ من سابقيهِ لقول الله تعالى: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ* قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا * قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي * قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾(5). فإنّ النبيَّ إبراهيم (عليه السلام) لم ينلْ شرفَ هذا المقامَ إلا بعدَ سلسلةٍ من الابتلاءاتِ التي تعرَّضَ لها في حياتِهِ. القسم الرابع: مقامُ الحُجة. إنَّ هذا المقامَ الإلهيِّ الرابعِ أو ما يُسمى بمقامِ الاصطفاءِ يختلفُ عن مقامِ النبوةِ والإمامةِ، فإنَّ صاحبَ هذا المقامِ قد لا يكون نبيّاً ولا إماماً، وإنّما يكونُ مُنتخبًا من قبلِ الله جلَّ وعلا كمقامِ مريمَ عليها السلام؛ فإنَّها لم تكنْ نبيّةً قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾(6). ويثبتُ هذا المقامُ للسيدةِ فاطمةَ الزهراءِ عليها السلام كما ثبتَ لمريمَ عليها السلام، إلّا أنَّ للسيدةِ الزهراءِ الأفضلية والأولوية؛ فهي من أهل البيت الذين طهَّرَهم اللهُ في كتابِه الكريمِ حيثُ قالَ جلَّ وعلا: ﴿إنّما يريدُ الله ليذهبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيتِ ويطهركم تطهيراً﴾(7)، بل إنَّها الأقربُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله. كما توجدُ مقاماتٌ أُخرى نتركها طلباً للاختصار كمقامِ الحكمة وغيرها. المطلب الثالث: حُجيّتها صلواتُ اللهِ عليها على الخلائق. هنالك الكثيرُ من الرواياتِ التي تُثبتُ حُجيتَها صلواتُ الله عليها على جميع الخلائقِ من الملائكةِ والأنبياءِ والمُرسلين والأئمةِ المعصومينَ خلا النبيَّ الأعظمَ محمدًا صلّى الله عليه وآله وأميرَ المؤمنينَ صلواتُ اللهِ عليه؛ حيثُ إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله أعظمُ ما في الوجودِ وعليًا عليهِ السلام كفؤها، كما في روايةٍ عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّه قال: "لولا أنَّ أميرَ المؤمنينَ عليه السلام تزوجَها لما كانَ لها كفؤٌ إلى يومِ القيامةِ على وجهِ الأرضِ آدم فمن دونه"(8). وفي هذا المطلبِ سنوضحُ حُجيتَها على نحوِ ثلاثةِ أفرعٍ: الفرع الأول: حُجيتُها عليها السلام على الأئمةِ المعصومين صلواتُ اللهِ عليهم قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام: "نحنُ حججُ اللهِ على خلقِهِ وجدتُنا فاطمةُ حجةٌ علينا"(9). إنَّ كونَ فاطمة الزهراءِ صلواتُ الله عليها حجةً على الأئمةِ المعصومين صلوات الله عليهم تعني حُجيّتَها عليهم بعلمها الجمّ، حيثُ أصبحت حلقةَ الربط (الوصل) بين النبوة والإمامة، فهي التي أوصلتْ بعضَ العلوم لهم صلواتُ اللهِ عليهم عن طريقِ مصحفِها الذي عُرِفَ ب(مصحف فاطمة)، والذي يُعدُّ مصدراً من مصادرِ علمِ الأئمةِ وأحدَ علاماتِ المعصومِ. مُصحفُ فاطمةَ: هو كتابٌ عظيمُ الشأنِ بإملاء جبرائيل الأمين على المُحدّثة سيدة نساء العالمين بخط علي أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين ، كان جبرائيل عليه السلام يؤنسُها بعد وفاةِ أبيها، وقد قيل إنّه بإملاء رسولِ اللهِ، يُعدُّ أحد مصادرَ العلمِ عندَ الائمةِ، ولولا هذا المصحفُ لما وصلتْ بعضُ العلومِ للأئمةِ عليهم السلام، كما يُعَدُّ أحد علاماتِ الإمامِ المعصومِ، فقد روي عن الإمام الرضا عليه السَّلام في بيان علامات المعصوم أنَه قال:"... ويكونُ عنده مصحفُ فاطمةَ عليها السَّلام"(10) الفرع الثاني: حُجيّتُها عليها السلام على الأنبياء والمرسلين ثبتتْ حُجيّةُ السيدةِ الزهراءِ عليها السلام عليهم في عدةِ رواياتٍ، منها ما وردَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله: "ما تكاملتْ النبوّةُ لنبيٍّ في الأظلّة حتى عُرِضَتْ عليهِ ولايتي وولايةِ أهل بيتي، ومثلوا له، فأقرّوا بطاعتِهم وولايتِهم"(11). وهي سلامُ الله عليها المصداقُ الأولُ من مصاديقَ أهلِ البيتِ الطّاهرين الذين أذهبَ اللهُ عنهم الرجسَ وطهّرَهم تطهيرًا. الفرع الثالث: حُجيّتُها عليها السلام على الملائكة. كانت فاطمةُ الزهراء عليها السلام مفروضةَ الطاعةِ على جميعِ الخلائقِ ومنهم الملائكةُ عليهم السلام، ففي حديث طويل عن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: "... ولقد كانتْ عليها السلام مفروضةَ الطاعةِ على جميعِ مَنْ خلقَ اللهُ من الجنِ والإنسِ، والطيرِ والوحشِ، والأنبياءِ والملائكةِ ..."(12) خاتمة: يُمكن أنْ تُقدِّمَ لنا هذه الدراسةُ العقائديّةُ على وجازتِها رؤىً تربويّةً وسلوكيّةً في ضرورةِ بناءِ الشخصيّةِ القيميّةِ للإنسان سواء كان رجلًا أو امرأة، بحكمِ أهليّةِ الصديّقةِ السيّدةِ فاطمةَ الزهراءِ عليها السلام لمقامِ الأسوةِ الحسنةِ، والمثلِ الأعلى للذين آمنوا، ولزومِ الأخذِ منها منهجًا وطريقًا، كما أشارَ إليه القرآن الكريم في آياته الشريفة، ومن مقامٍ هو أدنى من مرتبةِ السيّدةِ فاطمةَ عليها السلام، فكيف بمقامِها الأعلى والأكمل؟! قال تعالى: "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ"(13). الهوامش: (1) لسان العرب: ابن منظور، ج ٢، مادة الحجة، ص228. (2) التعريفات: للجرجانى، ص36. (3) آل عمران: 79. (4) الصف: 6. (5) البقرة : 124 (6) آل عمران: 42. (7) الأحزاب: 33. (8) دلائل الامامة: محمد بن جرير الطبري(الشيعي)،ص٨٠. (9) الأسرار الفاطمية: الشيخ محمد فاضل المسعودي،ص ١٥٤. (10) بحار الأنوار: مصدر سابق،ج25،ص117. (11) المصدر نفسه:ج ٢٦، ٢81. (12) الأسرار الفاطمية: مصدر سابق،ص83،نقلاً عن دلائل الإمامة: 28. (13) التحريم:11و1
اخرىإنّ المطالبة بالحق حقٌ مكفول شرعًا وقانونًا، بشرط أن لا يسبب ذلك أذى شخصيًا أو عامًا بالنفوس أو بممتلكاتها. ومفردة (التصعيد) التي يرددها بعض أبنائنا اليوم، ما هي إلاّ تلميح للجهات المعنية بتعجيل الاستجابة للمطالب. ورغم ذلك يجب أن لا يتحول التصعيد السلمي إلى فوضوي؛ ولهذا نجد أنّ المرجعية الدينية قالت: "...وفي الوقت نفسه تمنع الاضرار بالممتلكات العامة، أو الخاصة، بأي ذريعة، أو عنوان" حفاظًا منها على الحق العام، وعلى سلمية التظاهرات.
اخرىبقلم: فاطمة أحمد في فوضى الحياة وظروفها تزداد الضغوطات علينا، والانجراف في تيارها يجعلنا ننسى لِمَ نحن موجودون على هذه الأرض؟ حيث نصل إلى حالة تضيق بنا الأرض بما رحبت والسماء بما وسعت.. كُل ذلك لأن القلب ضاق ولم يعد يحتمل أمرًا آخر! يأتينا جوابٌ من الله تعالى، إذ يقول (عز من قائل): (نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ) سورة الحشر ١٩ فعندما ابتعدنا عن الله نسينا أنفسنا! لعل البعض يرى أن هذه العلاقة الطردية غريبة جدًا، لكنها ممكنة؛ وذلك لأننا خُلقنا من روح الله تعالى، ألم يقل ربّنا في كتابه الكريم: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) سورة الحجر، ٢٩ لذلك كلما اقتربنا من الله تعالى اقتربنا أكثر من روحنا ومن الفطرة التي خلقنا عليها الله تعالى، حيث نجد من يكلم الله تعالى ويتحبب لهُ ويتوكل عليه مطمئناً، وروحهُ ليست ضائعة، والعكس عند من ابتعد وهجر الله تعالى وذهب بطريقٍ يُعارض سجيّته فيلاقي من الصعوبات الكثير. ورد في بعض الأحاديث القدسية: أن الله تعالى يحب عبده فإذا أذنب ولم يتب يبتليه ليعود له فإن لم يعد فإنه يبقى يبتليه حتى يلقى جوابًا ويميل عن طريق الانحراف إلى طريق الحق، وإذا استمر بالعصيان ختم الله تعالى على قلبه وأبعده والعياذ بالله. إن من يكون في هذه الدنيا سيتعرض لعدة امتحانات إلهية فمن كان مع الله "بجوار الرامي" نجى وإن كان ضده "أمام رامي السهام" هلك. خاصة من يكون شابًا بمقتبل العمر، إن أقبل على الله تعالى وخضع له باهى الله تعالى به ملائكته قائلًا في مضمون حديث قدسي "انظروا عبدي أفنى شبابه في سبيلي"، وكذلك يباهي بالقلوب الطاهرة التي هي عرش الله تعالى وحرمه، فمن ذلك الذي يفوز بأن يتباهى به الله تعالى على أهل السماوات من كان منكم قادرًا فليسع لذلك، لنكون بعين الله عظماء "شابٌ عظيم" . إن الاقتراب من الله تعالى يتطلب قلبًا نقيًا فأنهُ إما أن يكون طاهرًا ويصبح عرشًا لله تعالى حرمًا لا يدخله إلا بإذن الله تعالى. وإما والعياذ بالله يكون ملهى ومجلسًا للشياطين، قال الإمام الصادق (عليه سلام): «القلب حرم الله فلا تسكن في حرم الله غير الله» كُن لقلبك حارسًا... واقترب به بين يدي ربك بصلاة، بسجودٍ متذللاً خاشعاً أمام ربك الكبير الحنون. الله تعالى ليس مخيفًا ، إنه مخيف لمن يعصيه عن عمدٍ... اقترب من معشوقك إنه ليشتاق لك فأرجوك التفت وكن عاشقًا له.
اخرى