بقلم: زينب عباس صباح اليوم الثامن من محرم_عام ١٤٤٢ صباحٌ مكسورُ الضياء سماءٌ تعكسُ صورَ أجسادٍ مُمزّقةِ الأشلاء كُلٌّ قد أخذَ مكانَه من جنانِ الخُلد، عاليًا؛ بينما طُرِحَت أعضاؤهم.. على أرضِ الدُنيا، مُضرّجةً بالدماء... فأيٌّ منهم أقِفُ بمُحاذاةِ عطاياه؟ وأيٌّ أنوخُ عندَ أعتابِ سجاياه؟ بأيّ عينٍ أنظرُ إلى نورٍ امتزجَ بنورٍ؟ وإيثارٍ احتضنَ إباء؟ بأيّ أُذُنٍ، أُنصِتُ لحكايا العشق، وأهلهُ يتسابقون للذودِ عن إمامِ زمانِهم؟ بأيّ كفٍ أتلمّسُ رمضاءَ التضحية... لأُيمِّمَ روحي من ذلك الطهر؟ فنفسي لا تُطاوعُني.. لإتيانِ وضوءٍ بماءٍ مُنِعَ عن آلِ الحياة، وقطبِ رحاها! تُرفرِفُ روحي كطيرٍ مذبوحٍ، مع طيرِ الجنان وهو يُنازِعُ سهمَ المنون! تلّةٌ بارتفاعِ قامةِ النبوّةِ والإمامةِ... تنخفضُ تحت موطأِ سيّدةٍ جليلةٍ، لا تبين لها ملامح، لِتوصفَ بها؛ غيرَ أذيالِ سترٍ تَجرُّها بِخُطىً ذاتِ هيبةٍ علوية، فاطمية! عزيزُ الحَسَنِ، وعَزيزُ الحُسين.. تتعانقُ هالاتُ النورِ منهما... الأكبرُ والقاسمُ.. شبابٌ تساوى عُمرُ إخلاصهم بشيبة! فحبيبٌ هو ذا.. وكذا أنصارٌ سارَ بهم العمرُ حتى وصلَ أُفُقَ الطفِّ... فامتزجتِ الأعمارُ كما امتزجتِ النوايا فاتحدت! ومع بدءِ المعركة؛ تقاسمَ الجميعُ الأنفاسَ بالتساوي... فبدا الكُلُّ يشبهُ الكُلّ ما من صغيرٍ فيُعفى، ولا كبيرٍ فيُعذر! كُلّما دنوتُ منهم، ابتعدتُ عن نفسي، حتى كأنّني لم أعُدْ أُميّزُ (أناتي) وأيُّ حضورٍ يُذكَرُ لها بين هاماتِ الوجود لا أزالُ أُحاوِل.. التقرُّب، التزوّد؛ ولا يزالُ الطفُّ... عامرًا بالعطايا وإنْ لاحتْ على مُحيّاه أطيافُ المنايا.. لا يكفي كُلّي؛ لاحتواءِ بعضٍ من بعضِهم! لم أستطِعْ أنْ أتمالكَ نفسي من هولِ ما أرى... بذكرِهم أطمئنُ، كُلَّ حين... إلا أنّ رؤيتي إيّاهم سلَبَتْ منّي كُلَّ ما يُهدِّئُ روعي! ثمّةَ بقايا من شيءٍ هُناك.. حبّاتُ ماءٍ تبلورَتْ حتى بَدتْ كلؤلؤٍ مكنون.. تأبى الأرضُ أنْ تبتلعَها.. فتُروى ولو من دونِ قصدٍ، تحتَ من أبى إلا أنْ يَروي، فيرتوي... ترتجفُ خُطواتي إذْ تقترِبُ من سراجي نور.. نهري وفاء.. إنّهما... إنّهما... -كفا الفضل والإباء-... هناك... حيثُ انحنَتْ أمُّ الحُجَجِ (عليها السلام) عليهِ، مكسورةَ الظهر! ترفعُهما بطُهرِها، بدمعِها، بأنينها... إلى منصةِ مُحاكمةٍ يقتصُّ فيها الحاكمُ من الظالمين... وهو من ليلِ الانتظار ليسَ ببعيد؛ فجرُ ظهورِ القائمِ من آلِ مُحمّدٍ فدتْهُ الأرواح... تُلملِمُ روحي المُتقطِّعةُ، أجزاءها المُتناثرة... هُنا وهُناك... راياتُ الموعود.. تلّفني كطفلٍ حديثِ الولادة، تهبُني الحياة على أملِ شهادة... تُزوِّدُني بكُلِّ ما يُعينني على المسير؛ وكُلّي رجاء أنْ أحظى مع قائدِ الركبِ برُتبةِ ناصرٍ.. أعودُ من حيثُ أتيتُ إلى غُرفتي، أتفحّصُ بنظري خطوطَ تلكُمِ الأحرفَ النورانية التي أقلّتني بلمحِ البصر، إلى ما يُرى بالبصيرةِ لا بالبصر!
اخرىيستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي
اخرىخلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي
اخرى(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي
اخرىرحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي
اخرىبقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.
اخرىعالم الطفولة كأنه طاولة، لا تجد فيه غير طعام لذيذ، ومنظر لطيف وجديد، فعالمهم فاكهة الوجود، وخضار الأرواح، ومياه الحياة تسقي القلوب... عالم صفاء وأحلام جميلة بسيطة وتافهة ولكن بنظرهِ هو عظيمة وكبيرة، فهو العالم الذي ينطلق منه الإنسان في بداية عمره. فالطفل في بداية حياته ينظر إلى الحياة بتفكيره البريء، فالطفل يعيش بعالم خاص به مملوء بالمحبة البريئة. هذه هي الصورة الجميلة التي يحملها الطفل، وكم يتمنى كل إنسان أن يعود لطفولته البريئة ليتأمل في أرجاء عالمها الذي كان يصور له حياة مختلفة تشد الإنسان إليها بجمالها، هذا هو عالم الطفولة وهذه أحلام من يعيشها، فلا ينفذ إلى ملكوت ذلك العالم ولا يدرك كنهه إلا من عاشه وجال في ربوعه. حيث يتذوق الطفل مع أحلام طفولته هذه لذة الحياة ولذة العيش فيها، ومهما حاولنا أن نعبر عن هذه الحقيقة فلن نستطيع تصويرها بالكلمات. وبعد هذا، فإن الاهتمام بمستقبل الطفل هو في الواقع ضمان لمستقبل شعب بأسره. قال اللَّه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا". التحريم/6 أعتنى الإسلام بتربية الأبناء عناية فائقة، وألقى على عاتق الأهل ما سيكون عليه الولد في مسلكه الدنيوي ومصيره الأخروي إن هم قصروا في تربيته وإعداده. وقد ذكر العلماء أن شخصية الولد تتأثر في نموها بعوامل ثلاثة وهي: الوراثة، والبيئة، والتربية. إذا خضنا في مضمار التربية السليمة للأبناء... فعلى الأبوين أن يكون لهما الوعي التربوي الذي يبنى على أسس صحيحة ويتوفر لديهم فهم لأساليب التربية والتوجيه والرعاية وهذه نقطة البداية. فمثلاً في أسلوب التعامل مع الطفل تبرز أمامنا ثلاثة اشكال لتعامل الآباء مع الأبناء: الشكل الأول: أسلوب الدلال المفرط وهذا الأسلوب له نتائجه السلبية الخطيرة، فإنه يخلق شخصية هشة متميعة وشخصية اتكالية تحب الكسل والخمول مجردة من الهدف والإقدام، انهزامية غير قادرة على مواجهة التحديات وبمعنى أدق شخصية لا تثق بنفسها. شخصية متسيبة في ظل غياب المراقبة والمحاسبة وهذا التسيب يقود إلى الانفلات والانحراف. الشكل الثاني: فهو أسلوب التربية القاسية والعنف. وهذا الأسلوب أيضاً له نتائجه الخطيرة والسلبية التي يعاني منها الأبناء طوال حياتهم فهو يخلق شخصية قلقة ومتأزمة ومعقدة وخائفة وتحمل عقدة الخوف، شخصية حاقدة وعدوانية وقد تتأزم الأمور لتصبح شخصية منافقة وكاذبة خوفاً من العقاب والتعنيف ضمن حدود الأسرة ولكن يوماً من الأيام سينطلق هذا الشخص ليواجه المجتمع ككل، فلنتصور كيف سيتعامل مع المحيطين ضمن مجالات الدراسة والعمل وهو شخصية هاربة من أجواء الأسرة وقد يعرضها للتسيب والانحراف لأنها شخصية متمردة مما يعرضها للعقوق. الأسلوب الثالث: التوازن. الأسلوب الصحيح يعتمد على التوازن فمن شروط نجاح التربية التوازن في المعاملة ما بين الأمور التي تحتاج إلى شدة وحزم ليتربى على أن هذه الأمور خطوط حمراء طبعاً هنا يمكن أن يعترض أحد ويقول: لا للعنف الأسري ولا لاستخدام القسوة. نعم فهناك طرق غير استخدام العنف. يكفي ان يبدي الآباء انزعاجهم مثلاً. وهنا النقطة مهمة جداً، وهي: أن نوضح لهم سبب المنع والرفض لا تعتقدوا أن أبناءكم لا يدركون ولن يفهموكم. تخصيص الوقت للنقاش مهم جداً. وما بين أسلوب المرونة والحنان والاحتواء. التوازن في المعاملة. إن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يصرح بمسؤولية الأبوين بتربية الطفل، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى، وأن التقصير في ذلك يُعرّض الآباء إلى عقاب الله. فيقول (عليه السلام): (وأما حق ولدك عليك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره. وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته. فأعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص٢٣٢ حنان الزيرجاوي
اخرىيا أمل اليائسين يا صرخة تمزقت اشلاؤها بين الحب والحنين يا ألما كلما هاج لذة وأنينا! يا نورًا مزق ظلمات التائهين سيدي إلى متى أُحار فيك؟ سيدي كل جوارحي تصرخ يا غياث المستغيثين يا أُمنية شائق يتمنى من مومن ومؤمنة قد حنّا متى ترانا ونراك؟
اخرى مدونة الكفيلأبناء يولدون من أم وأب ، ويعيشون في بيت واحد ويأكلون من طعام واحد، يلعبون ويركضون ويتشاجرون ويكبرون ومن ثم يتزوجون وبعدها يتباعدون؟! فمالذي حدث ياترى! وماسبب هذا التباعد والجفاء؟ ويستمر التباعد إلى أبعد من ذلك ليصل إلى الكره والتباغض؟ فلنا أن نتساءل عن السبب الحقيقي أ هو وليد الساعة أم له أسباب متجذرة ومترسبة من الماضي السحيق؟ يولد الأطفال ولا تولد معهم الكراهية والحقد؟ إذن ماهي الأسباب التي تؤدي إلى تباعد الإخوان عن بعضهم البعض؟ يمكن أن نذكر بعض الأسباب، ليتم تجنبها وعدم الوقوع فيها، فمنها: ١- سلوك الوالدين في التربية ،فبعض الآباء والأمهات يفضلون أحد الأبناء على الآخر لأسباب واهية وغير مقبلولة فالبعض يفضل أحد أطفاله لكون أجمل من أخوته، ويكره آخر لكونه أسمر اللون أو غير جميل الشكل، أو لدية عاهة بدنية، وهذا التفضيل يؤدي الى زرع الكراهية والبغض في نفوس الإخوان منذ الصغر، مما يؤدي إلى تنمية صفة الكراهية والحقد في نفوسهم وهذا يسبب تجّذر هذه الصفة وتنميتها فتنمو وتكبر ويصعب أستئصالها والنتيجة زيادة مشاعر الكراهية والبغض والتباعد بين الإخوان، أو تفضيل الذكور على الإناث مما يدفع بالبنات إلى كراهية الرجال بشكل عام بسبب أسلوب الأب أو الأم غير المدروس، فهذا التفضيل ناتج عن أسلوب الجاهلية، والذي عانت منه المجتمعات منذ القدم واستمرت هذه المعاناة إلى وقتنا الحاضر. ٢- المقارنة بين الإخوان من الأمور والأسباب التي تزرع التباعد وتؤصل الكراهية بين الأبناء، فكثير من الآباء والأمهات يقعون في هذا الخطأ الفظيع، فعندما يقارن الأب بين أولاده ويقول لولده إن أخاك أفضل منك، ويردد ذلك بكثرة بين الفينة والأخرى فإن الطفل الذي يتم مقارنته سيشعر بعدم أهميته وعدم قيمته عند والده مما يسبب له شعوراً بانعدام قيمته الذاتية، وسيشعر بالكراهية اتجاه أبيه واتجاه أخيه. ٣- سلوك وأسلوب الأب غير الصحيح مع أخوته وهذا يؤدي إلى تعليم الأطفال الأسلوب الخاطئ، فالبعض من الأباء يتصرفون أمام أبنائهم بشكل غير مدروس فإذا شاهد الأطفال والدهم يتكلم بسوء على أخوته وينتقدهم لأسباب تافهة وواهية أو يتعامل معهم بطريقة مادية بعيداً عن أسلوب الأخوّة فإن الأبناء سيتعلمون هذا السلوك وتفتقد الأخوة حينها إلى معاني الحب لأنهم لم يشعروا بالترابط الروحي والنفسي بين أبيهم وعمهم، مما يعمّق لغة الانقطاع بينهم ويرسخها ويجعل الأخوة فاقدة لقيمتها الروحية التي يجب أن تتمتع بها. ٤- عدم العدل في معاملة الأبناء بشكل عام يؤدي إلى ظهور مشاعر الغيرة بوقت مبكر بين الأخوان، فأسلوب المقارنة والتفضيل بكافة اشكاله، كأنْ يمدح الأب أحد أطفاله دون الآخر ويثني عليه أو يقبّله ويحتضنه أمام أخيه دون أن يفعل ذلك مع باقي أبنائه أو يشتري ملابس أو ألعاباً لأحدهم دون الأخر أو يسيء معاملة البعض من أبنائه ويقدس ويحترم البعض منهم، فكل هذه الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الآباء والأمهات لها سلبيات عديدة على تكوين مجتمعات غير سليمة نفسياً وأخلاقياً، مما يؤدي إلى تحطيم البناء الاجتماعي والقضاء عليه، لذا توجّب على الأبوين الانتباه الشديد إلى سلوكهم وأسلوبهم المتبع مع أبنائهم والتعامل بشكل يتناسب مع مهمتهم التربوية من أجل بث روح الألفة والمحبة في قلوب الأبناء...
اخرى Qasim SalimBy: Wajdan Al-Shuhani Translated by: m.Jaafer Al-Saffar The mountain of silence collapsed deep down in me and I couldn't be more patient, and started to reveal what is inside of me, Each one of us has a story, mine is the marvel of eternity because it brought me back to life and I’m alive. Life has shut its doors, to bring a lot to the perils of death, but he is Al-Hussain bin Ali (peace be upon them) for there are no shut doors in front of the light of guidance and the ship of survival. Oh, believers, tear off the clothes of despair, write on the wall of the soul, we held on to Hussain(peace be upon him) as we live and life continues. I’m not exaggerating, but out of the experience, Almighty Allah has blessed me with the blessing of faith and being on the path of Ahul-bayat (peace be upon them) but satan doesn't leave the human and doesn't stop whispering to make him live with the delusions of skepticism. And I'm as many of those who satan has whispered to them, every time I moved up the war with Satan becomes more severe, it's a fierce war that many have given up to, and I got scared, as despair may run deep down in me and leads me to defeat and surrender to satan... What do I do? A huge scream shakes the entire universe. Oh Hussain It's the voice of common sense And the pen appears in front of me so I held it without consciousness and wrote some lines of fascinated words that revealed what is inside of me and I included a complaint to Imam Hussain (peace be upon him), and I kept it a secret as a fortress to me of everything that scares me so I was reassured, I started to do this as a habit every time I was in trouble especially after I saw the benefits of what I wrote how many friends have been facing financial troubles and illness So I grab the pen to write line after line and kept it so I saw how their conditions become better after everyone has driven to despair of remission. So this is my story with Al-Hussain (peace be upon him), a story that introduced me to his status with the eye of insight My life has changed and will never be the same today it lives on the ship of Hussain (peace be upon him) and doesn't fear to be drawn because it sees him (peace be upon him) with the eye of insight, not the eye of seeing, that story has brought life back to life because without knowledge of insight life cannot be the same. I’m not of those who visit my lord (Al-Hussain) (peace be upon him) a lot because of the business and the distance, but I ensure to speak to him through those lines that strengthen my connection with him, as if he inspires me, direct me when I make a mistake, the call: ya Hussain comes to fill the universe so I come back and ask forgiveness of my lord. I tried to remain silent and sup the bitterness of concealment, but the echo of the soul’s scream has been heard by every human being and broke with its scream the bars and ascended the pulpit of the truth to announce to the public about a story which is the marvel of eternity. And here we are getting close to Muharram and the lovers of Imam Hussain (peace be upon him) will start their story with him. And in the light of this pandemic, a lot of the lovers had been tied up, definitely, Satan would have an attack, my inspiration tells me that the remission will be soon and Satan’s defeat will be announced This year will be different from any other year. And the call Ya Hussain a call of lesson and teardrop. Oh, lovers of Al-Hussain ( peace be upon him) prepare your pens to write your story with Al-Hussain (peace be upon him) in2020. And it may be a year of grief with insight, as it exceeds all kinds of grief.
اخرى م.جعفر الصفاريا أرض أما سمعت صراخهم وبماذا اوصوك! حنين لقلوب أمهاتهم ثكلى؟ تروين لهن هم البعاد ام سجدوا على وجهك يقبلون تراب المعاد فرحين بقتلهم في حب علي؟ وليس لغير حبه إجرام ؟
الخواطر مدونة الكفيلبقلم: الشيخ حسين التُرابي إنّ العفافَ هو الاستحياءُ عن التمادي في الاستجابةِ للغريزةِ الخاصّةِ التي يبتني عليها التناسلُ والتكاثرُ في الجنسِ البشريّ، ويُعتبرُ العفافُ قيمةً فطريّةً فاضلةً، فما من إنسانٍ إلّا وهو يجدُ في داخلِه أنّ كفَّ المرءِ عن الاستجابةِ للغريزةِ في غيرِ الإطارِ المُحدّدِ هي سمةٌ فاضلةٌ، فالشابُّ الذي لا يبحثُ عن إغراءِ الفتياتِ بنفسِه، بل يسعى إلى أنْ يتزوّجَ ويُشكّلَ أسرةً مُستقرّةً يجدُ كفافَه فيها ممدوحًا لدى الناسِ كُلِّهم. كما أنّ الفتاةَ التي لا تبحثُ عن إغراءِ الشبابِ بنفسِها وتستطيعُ أنْ تملكَ نفسَها عن الاستجابةِ لدواعي الإغراءِ تكونُ ممدوحةً كذلك. وما من مُجتمعٍ بشريّ إلّا وهو يتبنّى أمرَ العفافِ بدرجةٍ أو أخرى، وليس هناك أيّ مجتمعٍ إنسانيّ يبني على الإباحيّةِ المُطلقةِ والانفلاتِ المُطلق، وأرشدُ المُجتمعاتِ من هذه الزاوية هو المُجتمعُ الذي يتمسّكُ بأدواتٍ أكثر ملاءمةً للحفاظِ على عفافِ الرجلِ والمرأةِ وتوقّي السلبيّات التي تنشأُ عن انتهاكِ هذا المبدأ الإنسانيّ الهامّ. ويتقوّمُ العفافُ بأمورٍ ثلاثة: الأوّل: العفافُ عن العلاقةِ الخاطئة. والثاني: العفافُ عن المُمارساتِ الخاطئة، من قبيلِ التحرّشاتِ السلوكيّة واللفظيّة ونحوها. والثالث: العفافُ عن الإغراءِ بالنفسِ من خلالِ المظاهرِ والسلوكيّاتِ والحركاتِ العامّة. فهذه الأمورُ الثلاثةُ من العفافِ ذاتُ ارتباطٍ موثوق، فلنْ يستطيعَ المُجتمعُ أنْ يصلَ إلى العفافِ المطلوبِ إلّا برعايةِ أفرادِه لمستوى مقبول من التحذُّرِ عن العلاقاتِ الخاطئةِ وعن المُمارساتِ الخاطئة المُنتهية إليها، وعن المظاهرِ المُغرية بالشكلِ العامِّ في كُلِّ مُجتمعٍ بحسبِه للآخر. ويُمكِنُ للإنسانِ أنْ يجدَ المقدارَ المطلوبَ من العفافِ من المنظورِ الإنسانيّ العامّ من خلالِ القاعدةِ الأخلاقيّةِ المعروفة بـ(القاعدة الذهبيّة) وهي: (أنْ يُحِبَّ الإنسانُ لنفسِه ما يُحِبُّ لأخيه، ويكرهُ لنفسِه ما يكرهُ لأخيه). فعلينا أنْ نُطبّقَ هذا المبدأ بالنسبةِ إلى أنفسِنا في سلوكيّاتنا، فما الذي ترغبُ فيه المرأةُ أنْ تكونَ عليه الفتياتُ الأخرياتُ أمامَ زوجِها وأبيها وأخيها؟ وما الذي يرغبُ فيه الشابُ أنْ يكونَ الفتيانُ الآخرون أمامَ زوجتِه وأمِّه وأختِه وابنتِه وسائرِ قرابتِه، فهذا الميزانُ ميزانٌ إنسانيٌّ عادلٌ يُنبِّهُ الإنسان على التصرُّفِ اللائقِ مع الآخرين، فإذا كانتِ المرأةُ المُتزوّجةُ تكرهُ أنْ تظهرَ الفتياتُ أمامَ زوجِها بمظهرِ الإغراءِ والاستدراجِ والسلوكيّاتِ الأخرى فإنّ عليها أنْ تلتفتَ في شأنِ نفسِها إلى مثل ذلك. إنّ العفافَ يُمثّلُ ركيزةً أساسيّةً في الحياةِ الإنسانيّة؛ لأنّ العلاقةَ الخاصّةَ التي أودعَها اللهُ (سبحانه) في نفسِ كُلِّ إنسانٍ ذكرًا كان أو أنثى من الانجذابِ إلى الآخر إنّما جُعلَ لتكوينِ أسرة سليمة يجِدُ كُلٌّ من الطرفين سعادتَه فيها ويخلقون بذلك جيلًا آخر يتصدّون لتربيتِه وتنميتِه وإعدادِه واتصافِه بالرُشدِ والحكمةِ والفضيلة. فعلى الإنسانِ أنْ يسيرَ على هذهِ الركيزةِ الأساسيّةِ في الحياةِ ويهتمّ بمُراعاةِ مُقتضاه كما يُحِبُّ أنْ يُراعيَ الآخرونَ مُقتضاه بالنسبة إلى ذويه.
اخرىبقلم: علي قاسم وتكتشفُ أنْ لا أحدَ بجانبِك تحكي له ما يدورُ في يومِك التافه، تُكلّمُهُ عن تلك التفاصيل، تشتاقُ لتلك الردودِ التي كانتْ في لحظةٍ ما باردة، ستشتاقُ إلى خلافاتكما، ستشتاقُ ويقتُلُك الحنينُ عندما لن تجدهُ بجانبِك ستهمسُ في أذُنِك الذكرياتُ والأماكنُ سيكونُ في كُلِّ ثانيةٍ ينبضُ قلبُك فيها اشتياق، تشتاقُ لتبحثَ عن قيمتِك في حياةِ ذلك الشخص..
اخرىبقلم: يا مهدي أدركني هذه آخرُ ورقةٍ سقطتْ من شهرِ صفر لينتهيَ موسمٌ ذُرِفتْ فيه الدموع واعتصرتْ فيه القلوبُ ألمًا وحزنًا تقرُبًا وزُلفةً، تطهُرًا وولاءً لآلِ الرسول ولكن! هل سنرى ماذا جرى على تلك القلوب بعدَ أنْ حلَّ بها ذلك الحُزنُ؟ أم سنخلعُها كما نخلعُ السوادَ، ونضعُها جانبًا في تلك الخِزانةِ حتى تنتظرَنا إلى عامٍ آخر قد يُقبِلُ علينا وقد نكونُ تحتَ التراب! عَبَقُ نسائمِ الأحزانِ حلّتْ فينا؛ لتُغيرنا، لا لتُبكينا... فلنُلَملِمْ أوراقَ الحُزنِ تلك، ونستلهِمُ ما فيها من إيمانٍ صادق عقيدةٍ وثباتٍ توحيدٍ ونبوّةٍ إمامةٍ ومَعادٍ إيثارٍ بالنفس... وأيُّ نفسٍ تلك؟ وقفةٌ قصيرةٌ لنُراجِعَ فيها ماذا صنعَ الشوقُ والحنينُ والألمُ والحُزنُ العميق؟ هل سنُعاهِدُ على التغيير ونكون أهلًا لتلك التضحياتِ العظيمة؟ نواظبُ على الصلاة، ونُحييها، أم نُضيّعُها كما ضيّعها بنو أمية؟ ماذا عن الحجاب؟ هل سنتمسكُ بتلك العباءةِ التي تلقّتِ السياطَ والحرقَ والبُكاءَ والدماءَ، ولكنّها لم تمِلْ عن تلك الرؤوسِ الشامخاتِ، بل كانتْ تمنعُ نسماتِ الهواء من أنْ ترسمَ تفاصيلَ النساء؟ هل سنكونُ أحرارًا كالحُرِّ، ونُخيّرُ أنفسَنا بين الجنةِ والنار كُلّما وقفْنا على مُفترقِ الطريق، فنختار طريق الجنة؟ أم سترجعُ حواسُنا إلى سُباتِها العميق لتكونَ عبارةً عن آلاتٍ للشهوات والملذّات تقودُنا كالبهائمِ، نستمعُ لصوتِها وتخرسُ ألسنة الحقِّ مرةً أخرى! هل سننفِضُ رمالَ كربلاء ورمادَ الخيام وننسى طعمَ السمِّ والسهام؟ مهلًا يا أيتها النفس، هُنا رُفِعَتِ الرؤوس قُطِّعَتِ الكفوف وحُزَّ النحر هنا جرى سمٌ زُعاف مزّقَ أكبادَ الأئمةِ الأطهار ومن قبلِها جرى في جسدِ الرسول (صلاةٌ من الله عليه وعلى الآل) ليقتلوا شريعةَ السماء فلا تكوني شوكةً تزيدُ من عُمقِ الجِراح بل طيّبي جراحاتِ قائمٍ يبكي على جدِّه دمًا احملي سلاحًا من أرضِ نينوى، وقاتلي بشجاعةٍ حتى وإنْ كان العدوُّ أنتِ فقد قتل الأصحابُ أنفسَهم مرارًا لتكونَ جاهزةً للنزالِ الأخير... الذي فيه ارتفعتْ لتخلُدَ في سماءِ المجدِ والسؤددِ، وتنالَ الفلاحَ في جنةٍ يصبو لها كُلُّ مؤمنٍ.. جنةُ القُربِ حيثُ الأقمار تجتمعُ بالشموس بلا كسوف ولا خسوف
اخرىبقلم: سماهر الخزرجي الذي يُراجعُ سيرةَ أصحابِ الحُسين (عليه السلام) يُلاحظُ فيهم عدّةَ صفاتٍ وشمائلَ اجتمعتْ فيهم، فهم زُهّادٌ، عُبّادٌ، شُجعانُ حروبٍ وغزوات، والتأملُ في هذه المسألة تدعو الفردَ المُسلم في زمنِ الغيبة، أنْ يكونَ على جهوزيةٍ عاليةٍ، عقائديًا ونفسيًا وبدنيًا، حتى من حيث الكفاءات أيضًا. والتمهيدُ لدولةِ العدلِ الإلهي يحتاجُ إلى وجودِ أفرادٍ بهذه الصفاتِ لاستقامةِ الأمرِ لقائمِ آل مُحمّد (صلوات الله عليهم أجمعين)؛ فالإمامُ يريد جماعاتٍ وأجهزةٍ ومؤسساتٍ تعملُ على التهيئةِ له والجهوزية للشروع في الحركةِ الإصلاحية، وهذه الجماعات عبارةٌ عن أفرادٍ انضووا تحتَ تلك الدائرة. فيجبُ على كُلِّ فردٍ الاستعدادُ لنُصرةِ الإمامِ (عليه السلام) بتهذيبِ النفس وتزكيتِها وتكميلها بحملِها على تركِ المُحرّمات ولزوم الطاعات، وتوطينِ النفس على تحمُّلِ الأذى والمشاق في سبيلِ هدفه، فإن تمّ له ذلك رجِعَ إلى أهلِ بيته لإصلاحِهم، فإنّهم نواةُ المُجتمعِ ومنهم يتجذَّرُ الإصلاح، ثمّ بعدها ينخرطُ في المُجتمع، فتقع عليه مسؤوليةُ إنارةِ وإراءةِ الطريق لأيتامِ آلِ محمدٍ في الطُرُق المُلتوية، والمسالكِ الحالكة، والفتنِ الخطيرة، والمزالقِ الكثيرة، لينضووا تحتَ لوائه ويتشرّفوا بخدمته. فكيف يتمُّ ذلك؟ إنّ ذلك يتمُّ بعدّةِ أمورٍ منها انتظارُ الفرج؛ فهو من أفضلِ الأعمال، وقد وردتْ فيه رواياتٌ كثيرةٌ، منها ما جاء عن الرسولِ (صلى الله عليه وآله): "إنّ أحبَّ أعمالِ أمّتي إلى الله (عز وجل) انتظار الفرج" وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من ثبتَ على موالاتِنا في غيبةِ قائمِنا، أعطاه اللهُ أجرَ ألفِ شهيدٍ مثلِ شُهداءِ بدرٍ وأحُد" والانتظارُ ليس أنْ يجلسَ الإنسانُ حليسَ بيتِه، ينتظرُ ظهورَ الإمامِ من دون عمل! الانتظارُ هو الثباتُ على ولايةِ أهلِ البيت (عليهم السلام) والاعتقادُ بالإمامِ الحُجّة (عجّل الله فرجه)، بوجوده وغيابه، والحفاظُ على هذه العقيدة حتى يُزهِرَ مصباحُ الهُدى في قلبه، ويمتلكَ الحصانةَ من العقائدِ الباطلة والأراجيفِ الضالّة، وتحمُّل مسؤوليةِ نشرِ التعاليمِ السماوية، ففي هذا تعجيلٌ لفرجه. وقد وردَ في التوقيعِ الشريفِ الصادر منه إلى الشيخِ المُفيد (طيّب اللهُ رمسه) "فما يحبسُنا عنهم إلا ما يتصلُ بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم، واللهُ المُستعانُ وهو حسبُنا ونعمَ الوكيل" فتعجيلُ ظهورِ الأمر منوطٌ بأفعالِ العباد، فارتكابُ المعاصي واستباحةُ المُحرّمات تؤخِرُ ظهورَ الإمامَ (عجل الله فرجه). والثباتُ وقوّةُ العقيدة هي من سماتِ المؤمن المُنتظر، فنرى أنّ الإمامَ الصادق (عليه السلام) يسردُ صفاتِ أصحابِ القائم (عجل الله فرجه): "ورجالٌ كأنّ قلوبَهم زُبُرُ الحديد، لا يشوبُها شكٌ في ذات الله، أشدُّ من الحجر، لو حملوا على الجبالِ لأزالوها" لا تُزلزِلهم الشبهاتُ ولا تُضعِفهم الظُلُمات. فبعدَ أنْ تترسّخَ فيهم العقيدةُ الحقّةُ يصلونَ لمقامِ الفداء؛ فلا يهمّهم إنْ وقعوا على الموت أو وقع الموتُ عليهم، يقولُ الإمامُ الصادقُ واصفًا إيّاهم: "يقونه بأنفسِهم في الحروب، ويكفونه ما يُريدُ فيهم، ينصرُ اللهُ بهم الإمامَ الحقّ" فنُلاحِظُ هناك تكاملًا في جنباتِ شخصياتِهم، فهم مع كُلِّ ذلك نشطون في عبادتِهم، مُقبِلون على الله (تعالى)، لا يفترون عن ذكره لهم دويٌّ كدويّ النحل "رجالٌ لا ينامون الليلَ، لهم دويٌّ في صلاتِهم كدويّ النحل، يبيتون قيامًا على أطرافِهم ويُصبحون على خيولهم، رُهبانٌ بالليل ليوثٌ بالنهار" فمن ضمن صفاتِهم بعدَ الشجاعةِ والإقدام والفداء، النشاطُ في العبادة والإقبال عليها دون فتورٍ وملل، مما يُعطيهم هذا النشاطُ الطاقةَ الإيجابيةَ ويمدُّ أجسامَهم بالقوّةِ الغيبية، فإذا قويَتِ الروحُ قويَ البدن على وظائفه ومهامه، فيتحوّلُ الإنسانُ إلى منظومةٍ تمهيديةٍ كاملةٍ من جميعِ حيثياته: روحه، بدنه، تذليله لنفسه وكبح جماحها وحثها على وفق ما يقتضيه التمهيد للعدل الإلهيّ.. وهذه الصفات كُلُّها تجسّدت في أصحابِ الحُسين (عليه السلام)؛ لذلك وصلوا لتلك المرحلةِ من الفداءِ للعقيدة، حيث كانوا لا يُبالون بما يُصيبهم بعد ذلك في جنبِ اللهِ (تعالى) والإمام (عجل الله فرجه)، فعلى المُمهِّد والمُنتظِر اتخاذ سيَرهم دليلًا ومُرشدًا للوصول إلى مُبتغاه في التكامُلِ ليكونَ خيرَ عونٍ للإمام الحجة (عجل الله فرجه).
اخرىبقلم: أم حوراء النداف القرآنُ الكريم هو معجزةُ خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله (صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين)؛ فلكُلِّ نبي معجزةٌ تؤيدُ دعواه وتكون خارقةً للعادة، أي إنَّ مادة المعجزة موجودةٌ لكن الناس لم يألفوا هكذا إنجاز من هذه المادة، كما ويعجزُ الناسُ عن مُجاراتها والإتيان بمثلها. فهل يُعقلُ أنْ تكون المعجزة مؤيدةً للنبي من جهة، ومُشكِّكةً فيه من جهةٍ أخرى؟! وما قصةُ تلك السور والآيات التي تحكي عن سوءِ خُلُقِ الرسول (صلى الله عليه وآله) -حاشاه- كما في سورة عبس وتولى، أو الآيات التي تنسِبُ إليه الذنوب السابقة واللاحقة "ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخر"، وما شاكلها من الآيات التي تبدو في ظاهرها أنّها تنسِبُ النقصَ -والعياذ بالله- لشخص النبي الخاتم (عليه وعلى آله آلاف التحية والسلام). يقول عالمُ الرياضيات الأمريكي جفري لانج: "إنّ مؤلفَ هذا الكتاب [أي القرآن الكريم] عبقريٌ، وأنّه بلا شك يتبعُ أسلوبًا ساحرًا في جذب القارئ، حيث اعتمد القرآن كليًا على أسلوب الحوار، فتسلسلُ الآيات يدفعُك للتعجُبِ والسؤال، ومن ثم تجدُ الإجابةَ بعد أسطُرٍ قليلة" لقد اشار هذا العالم، من حيثُ يعلم أو لا يعلم إلى الطريقةِ المُثلى لفهم القرآن الكريم، وهي تفسيرُ القرآن بالقرآن! ماذا حصل عندما تكلّف المُفسرون وعُلماءُ القرآن بتفسير آياتِ الله تعالى بمُقتضى الرأي أو القياس أو نصوصِ الروايات التي خالطَها الدسُّ والتلاعبُ والمُخالفةُ لروحِ القرآن الكريم قلبًا وقالبًا؟ لقد وقعوا فريسةَ التناقضات! وللأسفِ نُسِبت تلك التناقضات للقرآن الكريم. فمن جهةٍ يقرأون "وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم"، ومن جهةٍ أخرى ينسبون العبوس للرسول الكريم وأنّه أعرضَ عمّن يُريدُ أنْ يتزكّى وأقبلَ على من استغنى من المشركين! القرآن الكريم وإن كان ميسرا للذكر وذلك لقوله (تعالى): "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر"، أي إن إلقاءه على نحوٍ يسهُلُ فهمَ مقاصده لعموم الناس وخصوصهم، والأفهام البسيطة والمُتعمقة، كُلٍّ على مقدارِ فهمه، إلا أنّ فهمَ مُراد الآيات الكريمة يحتاجُ إلى ذوقٍ قرآني رفيعٍ ينسجمُ مع إرادةِ الحقِّ (سبحانه)، ويكون بعيدًا عن الأهواء الشخصية والتعصبات الفكرية، قال (تعالى): "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلا أولوا ألالباب"[آل عمران ٧]. كما انّ الله (سبحانه) يدعونا إلى التفكُّر والتدبُّر في آيات القرآن الكريم، "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كبيرًا" إنّها دعوةٌ إلى التمسُّكِ بمُحكمِ الآيات الواضحة الدلالة ورد الشبهات إليها، فالحقُّ (سبحانه) لا يُجامل أحدًا، ووصفه للنبي (صلى الله عليه وآله) بأنّه على خُلُقٍ عظيمٍ كافٍ لقطعِ كُلِّ الشكوك والشبهات حولَ ما يُنسَبُ زورًا وبهتانًا لمقام صاحب العصمة الكبرى الذي يصفُ نفسه قائلًا: "أدّبني ربي فأحسَنَ تأديبي" و "أنا أديب ربي" و"إنّما بُعِثْتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاق" إنّه التجسيدُ الفعلي للإنسان الكامل الحاكي عن كمالاتِ الحقِّ (سبحانه) المبعوث رحمةً للعالمين ولا مجالَ للنقصِ ولو بمقدارِ أنمُلةٍ بمُقتضى العصمة الرسالية. لقد تمكّنَ، بحُسنِ خُلُقِه العظيم وصبره ومداراته للناس، من تأليفِ قلوبٍ طالما فرّقتها حروبُ الجاهلية، وجعلهم أمةً واحدةً، فلقد "كان خُلُقُه القرآن" أي يأتمِرُ بما أمرَ اللهُ في كتابه المجيد وينتهي عمّا نهى عنه، وإلى ذلك دعا، بأبي وأمي، ونحنُ على ذلك من الشاهدين. وأبيضُ يُستسقى الغمامُ بوجهه ربيعٌ لليتامى، بهجةٌ للأرامل السلامُ عليك يا أبا الزهراء، يا حبيب الله.. ––––––––––––––––––––––– تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي ج١٩،ج٣ بحار الانوار للعلامة المجلسي جيفري لانج رحلتي إلى الإسلام
اخرىبقلم: نجاة رزاق قال (تعالى): {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ}(١) القرآنُ الكريمُ هو مُعجزةُ الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، أرسله على فترةٍ من الرسل، وتميّزَ هذا الكتاب السماوي بالإعجازِ اللُغوي والعلمي وكذلك الاعجازِ الغيبي؛ فقد أخبر (صلى الله عليه وآله) بالكثيرِ من الأحداثِ والمُغيّبات التي اتضحتْ في حياتِه كفتحِ مكة، وانتشارِ الإسلام في الجزيرة، وغَلَبةِ الروم، وفتحِ بلادِ فارس، ومصارعِ قريش يومَ بدرٍ وغيرها من الغيبيات؛ دليلًا على أنّ هذا القرآن كلامُ الله (تعالى)، وليس من البشر كما اتهمه المُشركون بأنّه يتلقّاه من عبده بن الحضرمي صاحب الكتب. كما اتهموه أنّه قولُ ساحرٍ وكاهنٍ؛ ومن الأحداث التي أخبرَ عنها القرآنُ وحدثت بعد استشهاده (صلى الله عليه وآله) هو الانقلابُ بعدَ انتقاله إلى الرفيق الأعلى. والآيةُ التي بدأنا بها الكلامَ أحدُ مصاديق المُغيّبات؛ وقد يقولُ قائلٌ: إنّ سببَ نزولِ هذه الآية هي معركةُ أُحُدٍ حيثُ انتشرَ بين المُسلمين خبرُ مقتلِ النبي (صلى آلله عليه وآله) واضطراب المسلمين وتركهم موقعهم على جبل أُحُد، يقولُ السيّدُ الطباطبائي (قدسَ اللهُ نفسه): {أخرج ابن جرير عن السدي قال: فشا في يومِ أُحُدٍ أنّ رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قد قُتِلَ -فقال بعضُ أصحابِ الصخرة-ليتَ لنا رسولًا إلى عبدِ الله بن أُبي فيأخذ لنا أمانًا من أبي سفيان}(٢) كما يقولُ الشيخُ ناصرُ مُكارم الشيرازي: {جاءَ أنسُ بن النضر إلى ذلك الفريق الذي كان يُفكِّرُ في الفِرارِ وقال لهم: يا قومُ إنْ كان قد قُتِلَ مُحمدٌ فربُّ مُحمّدٍ لم يُقتَلْ، فقاتلوا على ما قاتلَ عليه رسولُ الله (صلى الله عليه وآله)، وموتوا على ما ماتَ عليه، ثم شدَّ بسيفِه وحملَ على الكفار وقاتلَ حتى قُتِلَ، ثم لم يمضِ وقت طويل حتى تبيّنَ أنّ النبيَّ على قيدِ الحياة}(٣) وفي الجواب نقول: توجد قاعدةٌ في علمِ الأصول تقول: إنّ الموردَ لا يُخصِّصُ الوارد. يقولُ الشيخُ باقرُ الأيرواني (حفظه الله (تعالى)): {ولو كان الموردُ يُخصّصُ الواردَ للزم أنّ الكثيرَ من آياتِ القرآنِ الكريم أنْ تكونَ خاصّةً بمواردها وهذا شيءٌ بعيد، وهذا لا أذكره كدليلٍ بل كمنبّهٍ على أنّ الموردَ لا ينبغي أن يكونَ مخصّصًا للوارد}(٤) ونعودُ إلى الآية القرآنية ونبيّنُ ما هو الانقلابُ أي الرجوع إلى الكفر، والذي حدثَ بعدَ استشهادِ النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)، وهو: أولًا: نكث البيعة: تذكرُ جميعُ كتبِ العامة والخاصة أنّ كُلًا من أبي بكر وعمر بايعا الإمامَ علي (عليه السلام) على الإمامةِ، وقالا: بخٍ بخٍ لكَ يا علي، أصبحتَ مولايَ ومولى كُلِّ مؤمنٍ ومؤمنة. كما أنّ كُلَّ من بايعهما على الخلافة كان قد بايعه (عليه السلام) على الإمامة. ثانيًا: عدمُ الالتحاقِ بجيشِ أُسامة: وهذه الحادثة كانت قُبيلَ انتقالِ الرسولِ الأعظم (صلى الله عليه وآله) إلى جوارِ ربِّه، وكان يُردِّدُ: أنفذوا جيشَ أُسامة، لَعَنَ اللهُ من تخلّفَ عن جيشِ أُسامة، (إنّ تخلفه دونَ عُذرٍ عن جيشِ أسامة بالرغمِ من إصرارِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) على الحملة، وحتى تخلُّفَه رغمَ سماعِه من رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) لعنَ اللهُ من تخلَّفَ عن جيشِ أسامة، تلك اللعنةُ وذلك الأمرُ الذي ما كانَ يستطيعُ إخفاءه وإخفاء أثره للمُخالفةِ الصريحة)(٥) والآيةُ تقول: "فليحذرِ الذين يُخالفون عن أمرِه أنْ تُصيبَهم فتنةٌ أو يُصيبَهم عذابٌ أليم)(٦) ثالثًا: هجومُهم على دارِ الزهراء (صلوات الله عليها) وما جرى عليها من أحداث. فقد وردَ عن السيّدِ بن طاووس عن الإمامِ موسى بن جعفر (عليهما السلام) بعدَ ذكرِ وصيةِ النبي (صلى الله عليه وآله) للأنصار قال: "ألا فاسمعوا ومن حضر، ألا إنَّ فاطمةَ بابُها بابي وبيتُها بيتي، فمن هتكَه فقد هتكَ حجابَ الله"(٧) رابعًا: منعُ الزهراء (عليها السلام) إرثها بحُجّةِ أنَّ الأنبياءَ لا يورثون. خامسًا: منعُ إقامةِ الحدودِ كما في قصةِ خالد بن الوليد وقتله مالك بن نويرة. سادسًا: بدعةُ صلاةِ التراويح، وتحريمُ زواجِ المُتعة. وما هذه النقاط إلا شواهدُ قليلةٌ على الانقلاب على الإسلام وعودةُ القومِ إلى الكفر، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرَ اللهَ شيئًا، وسيجزي اللهُ الشاكرين.. اللهم ثبِّتْنا على دينك، واجعل عاقبتنا إلى خير، وارزقنا حُبَّ مُحمدٍ وآلِ مُحمدٍ (صلواتُ اللهِ عليهم أجمعين). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ١- سورة آل عمران: الآية ١٤٤ ٢-تفسير الميزان، الطباطبائي، ج٤، ص67. ٣-تفسير الأمثل، ناصر مكارم الشيرازي، ج٢، ص718. ٤-دروس الأصول، باقر الأيراواني، ٧/٨ / ١٤٣٦. ٥-محاكمات الخلفاء وأتباعهم، جواد جعفر الخليلي ص٧٠ ٦-سورة النور:٦٣ ٧-بحار الأنوار، المجلسي، ج٢٢ ، ص ٤٧٦.
اخرىبقلم: رشا عبد الجبار ناصر بدا كُلُّ شيءٍ واضحًا.. وكأنّ كُلَّ شيءٍ لم يكنْ غامضًا بالأصل، أنعمُ بروحٍ هادئةٍ، مُفعمةٍ بالأمل، لحظاتي مُكلَّلةٌ بنشاطٍ دائمٍ وعطاءٍ زاخر.. بدا حُلُمًا، حُلُماً جميلاً، ولكنّي إلى هذه اللحظةِ وأنا أنعمُ بذلك الهدوءِ الذي عشتُه في ذلك المكان، كروضةٍ مُزهرةٍ بأنواعِ الزهور والرياحين، وذلك العَبَقُ الأخّاذُ الذي يأخذُ بتلابيبِ الروح، فتعيش في أمانٍ، بعيدًا عن كُلِّ ما يُعكِّرُ صفوها وهدوءها، تعودُ إلى سيرتِها الأولى من النقاء.. روحٌ ساميةٌ حقيقتُها من روحِ الله (تعالى)، وأيُّ شيءٍ أكثرُ نقاءً من قلبٍ أزهرتْ وأينعتْ ثمارُ عطائه بذكرِ المحبوب المُطلق؟! كُنتُ هناك بجسدٍ وروحٍ، كُنتُ أشعرُ بشعورٍ غريبٍ وجميلٍ في آنٍ واحدٍ، لم يكُ ذلك المكانُ مألوفًا، لكنّه كانَ يُشعِرُني بالطمأنينة، ومع أنّي كُنتُ أجهلُ سببَ تلك الطمأنينة؛ فالإنسانُ بطبعِه عدوُّ ما يجهله، إلا أنّني كنتُ أحسبُه بيتًا، عشتُ فيه عمرًا بأكملِه في تلك الروضة! كان هناك بيتٌ صغير، بدا وكأنّه بيتي، وبينما كُنتُ مُستغرقةً برؤيةِ ما حولي؛ تهادى لي أنّ رسولَ الله محمدًا (صلى الله عليه وآله) جالسٌ في إحدى غُرَفِ تلك الدار، وأخبروني أنِ اذهبي حيثُ هو. صار المكانُ يعجُّ بالناس بعدَ أنْ كان خاليًا، وأضفى نبأُ وجودِ النبي المُختار على ذلك المكان نكهةً أخرى. وحيثُ كان المكانُ يحملُ طابعَ الجمالِ والسكينة، صارَ يبعثُ على الراحةِ أضعافَ المرّاتِ، تحفُّه الطهارةُ من كُلِّ جانبٍ، وكأنّ أعمدةَ النور اتخذتْ منه مركزًا. لم أعُدْ أُفكِّرُ في ذلك المكان، وتلك الروضة، وجلُّ ما يشغلني أن أرى ذلك النور الذي أضاءَ المكانَ بأسره. كنتُ أخطو بحذرٍ نحو تلك الغرفة، تبادرَ إلى خاطري أنْ أذهب هناك، فلرُبّما كانت لي حاجة.. واقعًا، الكُلُّ كان يقصدُ تلك الغرفة لغرضٍ ما في نفوسهم، وبعدَ كُلِّ هذا الحذر استجمعتُ كُلَّ قوتي لأدخل، لكنّي لم أكنْ أرى شيئًا لشدّةِ الضياءِ المُنبعثِ من تلك الغرفة، وكأنّ كُلَّ شيءٍ في تلكَ الغرفةِ قد خيطَ من النور! خارجُ ذلك المكان، لم يكنْ أقلَّ بهاءً من داخله! لا عجبَ إن تكلَّلتْ أرضُ تلك القِفارِ بنورٍ سماوي أودعَه اللهُ (تعالى) في أصلابٍ طاهرةٍ وأرحامٍ مُطهَّرة.. حيثُ ملأ نورُه المُباركُ مساحةً واسعةً من الجزيرةِ العربيةِ، وسقطتِ الأصنامُ على وجوهها.. وكيف لا، وهو خاتمُ الرُسُلِ المبعوث رحمةً للعالمين، فلا عَجَبَ إذا أضفى ذكرُ اسمِه المبارك أريجًا أزكى عطرًا من كُلِّ عطورِ زهورِ الأرض.. لبُرهةٍ.. كان ذلك المكانُ أجملَ ما رأتْ عيني.. فالسلامُ على حبيبِ إلهِ العالمين مُحمدٍ المُصطفى وآله الطيبين الطاهرين..
المناسبات الدينيةبقلم: عباس قاسم المرياني مهما كتبْنا من المقالاتِ والكتبِ وحتى الموسوعات في عَظَمةِ رسولِ الله محمدٍ (صلى الله عليه وآله) وفضائله، فإننا نبقى عاجزين ومُقصرين في حقِّ حضرته، لما له من الأوصافِ الحميدة والخصالِ الطيّبة الطاهرة التي امتازَ بها، فقد بلغ أوجَ الكمالِ الإنساني، وقد أثنى عليه (سبحانه وتعالى) فقال: "وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم"، وقال (عزّ من قائل): "لو كُنتَ فظًا غليظَ القلبِ لانفضوا من حولك". إنَّ عظمةَ شخصيةِ النبيّ مُحمدٍ (صلى الله عليه وآله) لم تُستمد من جاهٍ أو مالٍ، ولا من الأُمّةِ التي عاشَ فيها، وليس لسمو حسبه ونسبه فحسب، بل لجلالِ شخصيتِه، وكمالِ خُلُقِه الفريد، وسعةِ أُفقِه العجيب، فكانَ المَثَلَ الأعلى للإنسان الكامل من جميعِ الجوانب. وها هو (صلى الله عليه وآله) قد مضى على استشهاده أربعةَ عشرَ قرنًا وواحدٌ وثلاثون عاماً ولا يزالُ حُبُّه يملأ القلوب، وذكرُه يُطرِبُ الأسماع. عاش مُجاهدًا، وماتَ مُجاهدًا في سبيلِ الله (تعالى)، اختارته العنايةُ الإلهيةُ من بين جميعِ الخلقِ ليُبلِّغَ رسالةَ ربِّه، حاربَ الشركَ والضلال، وتمكَّنَ من هدايةِ الناسِ إلى هُدى الله (سبحانه)، فكانتْ دعوتُه قد انتشلتِ الأمّةَ من الانحدارِ والتخلُّفِ إلى أوجِ العَظَمةِ والسعادة. رغم ذلك فقد عانى رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) بعد أنْ صَدَحَ برسالةِ ربِّه، وأعلنَ ثورتَه الإلهية العظيمة على واقعِ الوثنيةِ والشركِ والإلحادِ، وعانى مُعاناة لا مثيلَ لها مطلقًا؛ فقد انقلبت أوضاعُ حياتِه رأسًا على عقب، إذ لم يكنْ من السهلِ على المُشركين الذين اعتادوا عبادة الأصنام، وتربّوا على الوثنيةِ والفسادِ أنْ يتخلّوا عن عاداتِهم، وممارساتِهم المُتجذِّرةِ في حياتهم، كما أنّ زعاماتِ قُريشٍ ومراكزِ القوى فيها كانتْ تبذلُ كُلَّ جُهدِها للحفاظِ على نفوذِها ومكانتِها، وترى في الرسالةِ المُحمّديةِ هدمًا لمواقعِها، وضربًا لمصالحِها؛ لهذا ولغيره انتفضتْ قريشُ وزعماؤها لصدِّ وردعِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله)، وشنّوا عليه حربًا ضاريةً شاملةً، اتهموه فيها بالكذبِ، والجنونِ، والسحرِ، وغيرها، بعد ما كان يُعرفُ بينهم بالصادق الأمين، وكان لهذه الاتهامات والأكاذيب التي أُلصِقت به الأثرُ بعد ذلك، حيث تلقّفتْها الألسُنُ المُبغضةُ، وجعلتْ منها حقائقَ لتشويهِ صورةِ هذه الشخصية العظيمة بكُلِّ المقاييس. من هذه الاتهاماتِ الباطلةِ تعدُّدُ زوجاتِه (صلى الله عليه وأله) فحرّفتْها الأقلامُ الغربيةُ المُغرضةُ من بعضِ المُستشرقين، واتهمته بحُبِّه للنساء؛ للنيلِ من كماله الإنساني، وفي الحقيقة لم يكنْ هذا التعدُّدُ لنزعةٍ شهوانية، أو لحُبّهِ للنساء، بل كان لحكمةٍ مُعينةٍ أرادها اللهُ (سبحانه) لرسولِه (صلى الله عليه وآله)، وتكمُنُ هذه الحكمة في تقويةِ رسالةِ الإسلام، وكسبِ المُناصرين له بالتقرُّبِ للقبائلِ وإدخالِهم في الإسلام، وكسبِ ودِّ بعضِ الأطرافِ ذوي الدورِ الفاعلِ لتقوية الدين بهم، أو جبرِ خواطرِ اللاتي استُشهِدَ أزواجهن وإعالةِ ذوات الأيتام، أو إرساءِ قواعدَ تشريعيةٍ، وإزالةِ قواعدَ جاهلية. لكنَّ الأغربَ والأعجبَ من ذلك بعضُ التُهَمِ التي أُلصِقتْ به (صلى الله عليه وآله) والتي لم يأتِ بها المُستشرقون من وحيهم فقط، بل جاءتْ جاهزةً ومُقولبةً في كُتُبِ بعض المُسلمين، منها ما يُذكَرُ أنَّ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله) كان يستمع إلى الغناء، وتُضرَبُ الدفوفُ في بيته، ومنها أنّه كان يقرأُ القرآنَ الكريم في حُضنِ إحدى زوجاته وهي حائض! ومنها أنّه كان مُغرمًا بزوجةِ ربيبِه زيد بن حارثة؛ لذلك طلّقَها زيدٌ وتزوّجها رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله). لا أعرفُ كيفَ قبلوا مثلَ هذه الروايات على من طهّرَه اللهُ (تعالى)، وعصمَه، وأكمَلَه، وأعلى منزلتَه، وحباهُ بقوله: "وَإٕنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ"، وخصّه بمكارمِ الأخلاقِ التي يقولُ فيها هو (صلى الله عليه وآله): "بُعِثْتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاق"، ويقولُ فيها الإمامُ الصادق (عليه السلام): "اللهُ (تبارك وتعالى) خصَّ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله) بمكارمِ الأخلاق، فامتحنوا أنفسَكم فإنْ كانت فيكم فاحمدوا الله (عزّ وجل)، وارغبوا إليه في الزيادةِ منها، فذكرها عشرة: اليقين، والقناعة، والصبر، والشكر، والرضا، وحُسن الخُلُق، والسخاء، والغيرة، والشجاعة، والمروءة. لذلك نقولُ: إنَّ سيرتَه العَطِرة قد شابَها من الدسِّ والتلفيق، سواء عن قصدٍ من مُبغضيه، أو عن جهلٍ، وعليه يجِبُ التحرّي والتأكُدُ والتيقُنُ مما يُنقلُ عن هذه السيرة، ويَجِبُ استبيانُ الخبرِ قبلَ قولِه، يقولُ أميرُ المؤمنين علي (عليه السلام): "اعقلوا الخبرَ إذا سمعتموه عقلَ درايةٍ، لا عقلَ رواية؛ فإنّ رواةَ العلمِ كثيرٌ، ورُعاتَه قليل"، ويُنقَلُ عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إنّ على كُلِّ حقٍّ حقيقة، وعلى كُلِّ صوابٍ نورًا، فما وافقَ كتابَ اللهِ فخُذوه، وما خالفَ كتابَ اللهِ فدعوه". من هذا يَجِبُ أن لا نظلمَ حبيبَ الله (صلى الله عليه وآله) بهذه الشائعات الخبيثة التي لا نقبلُها لشخصٍ عادي، فما بالك بمنِ اصطفاه وخصّه وشرّفه على سائرِ خلقِه، وهو النبيُّ المُخلصُ ومُلهِمُ الإيمانِ في القلوب، رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) قدوةٌ نستنيرُ بنوره، لا أنْ نُلصِقَ به العيوبَ ونرميه بالافتراءاتِ (حاشاه اللهُ عن ذلك).
اخرى